قال ابن أعثم ـ في حديثه عن مسلم بن عقبة المري قائد الحملة التدميرية على المدينة المنورة ، وما سفكه من دماء الأبرياء ، وأخذه البيعة من الناس على أنّهم عبيد خول ليزيد.
قال : « ثمّ أتي بعليّ بن عبد الله بن عباس ، فلمّا قدم إليه قامت قبائل كندة من كلّ ناحية فقالوا : أيها الأمير إنّ هذا الّذي قَدم عليك منا وإلينا ، وذلك أنّ عبد الله بن العباس خطب إلينا ، فزوجناه بنت عم لنا يقال لها زرعة بنت مشوح ، فأولدها هذا الفتى ابن اختنا فخلّ سبيله ، فقال : يا معشر كندة خلعتم أيديكم من الطاعة ، فقالوا : ما خلعنا أيدينا من الطاعة ، ولكنا لا نمكنك من ابن اختنا تقتله ، فقال لهم : إذاً فيبايع أمير المؤمنين يزيد فقالوا : أمّا البيعة فانه يبايع ، على أنّه والله أشرف من يزيد وأكرم منه أباً وأماً.
قال : فبايع عليّ بن عبد الله بن عباس يزيد بن معاوية ، وتنحى ناحية من بين يدي مسلم بن عقبة » (١).
وقال : « وسمع مسلم بن عقبة صياحاً وصراخاً فقال : ما هذا؟ فقيل : إنّه قد أتي بعلي بن الحسين بين يديه وهؤلاء أقاربه يصيحون ، فقال أعلموه انّه لا بأس عليه.
قال : فلمّا أتي بعليّ بن الحسين ، وثب مسلم بن عقبة فصافحه وقبّل بين عينيه وأقعده معه على سريره ثمّ قال له : لا بأس عليك وأمير المؤمنين يزيد يقرأ عليك السلام ويقول لك : لا تلمني على حبس عطائي لك ، إنّما شغلني عنك عبد الله بن الزبير ، وأنا موجّه إليك بعطائك موفراً. قال : ثمّ أمر له مسلم بن عقبة بألف درهم ، وقال : احملوه إلى منزله » (٢).
____________________
(١) الفتوح ٥ / ٢٩٩ ط دار الندوة.
(٢) نفس المصدر / ٣٠٠.