فقال ابن عباس : عندنا أهل البيت لا تصرفه عن أهله فتظلِم ، ولا تضعه في غيرهم فتندَم.
فقال ابن الزبير : بلى إن نبذت الحسد ، ولزمت الجدد ، ثمّ تفرقا » (١).
وفي رواية ابن أبي الحديد : « واعترض بينهما رجال من قريش فأسكتوهما ».
وهذه المحاورة أخرجها البيهقي ( كان حياً قبل٣٢٠ ) (٢) ، وابن أبي الحديد (٣) ، والسيّد المدني الشيرازي (٤) ، وأشار إليها فرهاد ميرزا (٥).
وستأتي أمثال هذه المحاورة بين ابن عباس وبين ابن الزبير ، تصل في عنفها إلى حدّ المنافرة ، وكلّها كانت بمثابة تنبيه للناس بحقيقة ابن الزبير. وساعده عن غير قصد مواقف صحابة آخرين ، كانوا يرون زيف دعوى ابن الزبير.
فمنهم ابن عمر الّذي يصفه لزوجته صفية بنت أبي عبيد بأنّ ابن الزبير يقاتل على البغلات الشهب الّتي كان يركبها معاوية. وسيأتي حديثه.
وعبد الله بن عمرو بن العاص يحذره أن يكون الملحد في البيت الّذي ذكره النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، وأبو برزة يقول عن بني أمية وعن ابن الزبير إنّما يقاتلون على الدنيا ، وسيأتي حديثه.
فهذه الأحاديث كانت بمثابة توعية لمن اختدعهم ابن الزبير بزهده مرائياً ، سرعان ما انفضّ من حوله الخوارج بعد أن قاتلوا جيش يزيد معه ، لما ظهر منه من تهالك على حب الدنيا ، والخوارج كانوا قوة لا يستهان بها ، فقاطعوه واعتزلوه
____________________
(١) الأمالي الخميسية ١ / ١٨٩ ط عالم الكتب بيروت مكتبة المتنبي بالقاهرة.
(٢) المحاسن والمساوي ١ / ٦٦ ط النعساني بمصر سنة ١٣٢٥ هـ.
(٣) شرح النهج ٤ / ٤٩١ ط دار الكتب العربية بمصر.
(٤) الدرجات الرفيعة / ١٣٠ ط الحيدرية و / ١٣٨ مخطوطة الشيخ السماوي رحمه الله.
(٥) قمقام ( فارسي ) / ٢٧٩.