ذكرت من أم المؤمنين عائشة ، فإنّ أوّل من هتك حجابها أنت وأبوك وخالك طلحة ، وقد أمرها الله أن تقرّ في بيتها فلم تفعل ، فتجاوز الله عنها ورحمها ، وأمّا أنت وأبوك وخالك فقد لقيناكم يوم الجمل فإن كنا مؤمنين فقد كفرتم بقتالكم المؤمنين ، وإن كنّا كفاراً فقد كفرتم بفراركم من الزحف (١).
فقال ابن الزبير : أخرج عني ولا تجاورني.
فقال ابن عباس : نعم والله لأخرجن خروج من يقلاك ويذمّك.
ثمّ قال ابن عباس : اللّهمّ إنّك قادر على خلقك ، قائم على كلّ نفس بما كسبت ، اللّهمّ إن هذا الرجل قد أبدى لنا العداوة والبغضاء ، اللّهمّ فارمه منك بحاصب ، وسلّط عليه من لا يرحمه » (٢).
فمن هذا النص الّذي رواه لنا الخوارزمي الحنفي يمكننا معرفة ما أعرض ابن الأثير وغيره عن ذكره واكتفى بالقول : « وأغلظ له فجرى بينهما كلام كرهنا ذكره » ، ومن هذا النص أيضاً عرفنا مبلغ الحقد المتأصل في نفسية ابن الزبير على ابن عباس والمتخوف من لذع لسانه ، وحجة بيانه ، حيث خرج في عدّة من أصحابه ولم يخرج وحده ، فقام في الناس خطيباً فذكر ابن عباس بما يهيج عليه العامة ، وتشويه صفحته لديهم ، كردة فعل غاضبة ، ناتجة عمّا أسمعه ابن عباس من قوارص كلمه وقوارع حججه ، ولكنه باء بالفشل حتى لم يستطع ابن الزبير أن يردّ عليه حججه ، فقال له اخرج عني ولا تجاورني.
____________________
(١) وقد لقن نافع بن الأزرق الخارجي هذه الحجة من ابن عباس ، فذكرها في كتابه إلى ابن الزبير ، وقد ذكره ابن عبد ربه في العقد الفريد ٢ / ٣٩٥ تح ـ أحمد أمين : وان القول فيك وفيهما لكما قال ابن عباس ( رحمه الله ) ...
(٢) مقتل الحسين ( عليه السلام ) ٢ / ٢٥٠ ـ ٢٥١ مط الزهراء في النجف الأشرف.