والحسين وابن عباس ( رضي الله عنه ) وسألوه أن يفي لهم بما ضمن ، فقال : أما ترضون يا بني هاشم أن نوفّر عليكم دماءكم وأنتم قتلة عثمان ، ولم يعطهم ممّا في الصحيفة شيئاً » (١).
ويبدو من حديث اليعقوبي الآنف الذكر أنّ اجتماع بني هاشم مع معاوية كان بالمدينة ، ولمّا ساق الحديث لم نجد ذكراً للمحاورة السابقة الّتي مر ذكرها أوّلاً ، ومن خلال معرفة هويّة الرواة وسياق حديثهم تيقنت أنّ مكان المحاورة الأولى هو المسجد الحرام واللقاء كان بمكة لا بالمدينة!
فمعروف بن خرّبوذ ـ راوي الخبر عند الحاكم في المستدرك ـ رجلٌ مكيّ ، وأمّا سليم بن قيس وعمرو بن سلمة وإن كانا مدنيين إلاّ أنّهما يمكن حضورهما بمكة للحج ، على أنّ القاضي نعمان المغربي ذكر في شرح الأخبار (٢) أنّ المحاورة كانت بالمدينة وكان ممّن حضر المحاورة سعد بن أبي وقاص وقد جرى له كلام مع معاوية استشهد عليه بأم سلمة وذلك قول النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) لعليّ ( عليه السلام ) ( أنت مع الحقّ والحقّ مع عليّ ).
وهناك بقية من الرواة أبهموا المكان ، فقالوا : حج معاوية فجلس إلى ابن عباس فأعرض عنه ، كما في ( الموفقيات ) (٣). وهذا يشير من طرف خفيّ إلى أنّ المحاورة وقعت بمكة ، حيث كان ابن عباس له مجلس عند قبة الشراب عند زمزم يجتمع عليه الناس فيسألونه ـ كما سيأتي وصف ذلك فيما بعد.
____________________
(١) البدء والتاريخ ٦ / ٥.
(٢) شرح الأخبار ٢ / ٦٦.
(٣) أنظر كشف الغمة ١ / ٤٠٦ منشورات مكتبة الشريف الرضي وهذا النص ممّا سقط من مطبوع الموفقيات بتحقيق د. سامي مكي العاني كغيره من نصوص استدركتها على المحقق واشرت إليها في نسختي بلغت خمسة عشر نصاً.