الاشتباه ، كذلك يفهم منهما وجوب الرجوع إليها في جميع تلك الموارد.
نعم ، لو كان الشكّ في أصل الاقتضاض ، يشكل استفادة وجوب الفحص فيه من الروايتين حيث إنّ اعتبار أصالة العدم بالنسبة إليه من الأُمور المغروسة في الأذهان على وجه لا يلتفت الذهن عند احتماله إلى كون الدم ممّا يشكّ في حكمه.
والإنصاف أنّه لا ينبغي ترك الاحتياط بالفحص في جميع موارد الشبهة ، بل لا يبعد القول بوجوبه مطلقاً في جميع مواقع الاشتباه ؛ نظراً إلى ما في صحيحة خلف (١) من التهديد على مخالفة الواقع ؛ فإنّ ظاهرها عدم كون الجهل عذراً في موارد الاشتباه ، ومقتضاه : عدم جواز الرجوع إلى الأُصول من أوّل الأمر ووجوب الفحص عليها مهما أمكن.
نعم ، في كلّ مورد تعذّر عليها الفحص ؛ لكثرة الدم أو نحوها من الأعذار ، تعمل بالاصول من استصحاب الحدث أو الطهارة ؛ لأنّ الجهل حينئذٍ عذر عقليّ ، كما في الشبهات الحكميّة ، فيرجع فيها إلى القواعد الشرعيّة المقرّرة للجاهل ، والله العالم.
ولو تركت الفحص في الموارد التي وجب عليها الاختبار وصلّت ثمّ انكشفت مطابقتها لما هو تكليفها ، لم تجب إعادتها على الأظهر ؛ لأنّه إنّما وجب عليها الاختبار مقدّمةً لترتيب آثار دم العذرة عليه على تقدير كونه منها ، وآثار دم الحيض على تقدير كونه حيضاً ، ولا دليل على مدخليّة الاختبار في قوام تلك الآثار حتى تفسد بالإخلال به ، بل الأدلّة
__________________
(١) انظر الكافي ٣ : ٩٢ ٩٤ / ١ ، والوسائل ، الباب ٢ من أبواب الحيض ، الحديث ١.