مقام البيان على ما تضمّنته الرواية الأُولى ؛ لإمكان دعوى القطع بعدم إرادة وجوب التصدّق على مسكينٍ واحد من الحسنة لخصوص مَنْ لم يكن عنده ما يكفّر ، ولا من الموثّقة التصدّق بنصف دينارٍ لخصوص مَنْ وطئها في وسط الحيض ، ولا من الصحيحة خصوص مَنْ وطئها في أوّل الحيض ؛ إذ كيف يعقل أن يكون الواجب على الواطئ مراعاة هذا التفصيل ومع ذلك يأمره الإمام عليهالسلام عند الاستفهام عن حكمه بأن يتصدّق على مسكين بقدر شبعه!؟
وقد تقدّم غير مرّة أنّ ارتكاب هذا النحو من التقييد في الروايات من أبعد التصرّفات ، فيجب إمّا الأخذ بالرواية الأُولى وما هو بمضمونها وطرح ما عداها بدعوى قصورها عن المكافئة بعد عمل الأصحاب بالرواية وإعراضهم عمّا عداها ، أو القول باستحباب التصدّق وتنزيل اختلاف الأخبار على اختلاف مراتب الاستحباب.
ولا ريب أنّ حملها على الاستحباب أهون من طرح هذه الأخبار الكثيرة التي يمكن دعوى العلم الإجمالي بصدور أغلبها ، خصوصاً مع معارضتها للمستفيضة المصرّحة بعدم الوجوب.
منها : صحيحة عيص بن القاسم ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل واقع امرأته وهي طامث ، قال : «لا يلتمس فعل ذلك ، قد نهى الله أن يقربها» قلت : فإن فعل أعليه كفّارة؟ قال : «لا أعلم فيه شيئاً يستغفر الله» (١).
__________________
(١) التهذيب ١ : ١٦٤ / ٤٧٢ ، الإستبصار ١ : ١٣٤ / ٤٦٠ ، الوسائل ، الباب ٢٩ من أبواب الحيض ، الحديث ١.