المنساق إلى الذهن من قوله عليهالسلام في المرسلة الثانية : «في كلّ غسل وضوء إلّا الجنابة» (١) وكذا من رواية (٢) الغوالي هو عدم الاجتزاء بالغسل عن الوضوء المعهود للصلاة ، ولا مقتضي لتقييدها بالمرسلة الأُولى ؛ لعدم التنافي ؛ لإمكان ثبوت كلا الحكمين في الواقع بأن لم يكن ما عدا غسل الجنابة مجزئاً عن الوضوء ، وكون الوضوء في حدّ ذاته مستحبّاً قبل الغسل ، أو كونه أفضل من تأخيره ، وعلى هذا يتّجه الاستدلال بالروايتين.
كما أنّه لو جوّزنا الاعتماد على الرضوي ولو بملاحظة انجباره بعبارة الصدوق وفتوى غيره ، لكان بنفسه حجّةً كافية ؛ لدلالته صراحةً على عدم ارتفاع الحدث الأصغر بالغسل ووجوب إعادة الصلاة بدونه.
ولكنّ الإشكال في جواز الاعتماد عليه بل وكذا في الاعتماد على النبويّ المرويّ عن الغوالي ؛ إذ لم يثبت اعتماد المشهور عليه حتى يكون جابراً لضعفه.
وأمّا مرسلة ابن أبي عمير فيغلب على الظنّ اتّحادها مع مرسلته الاولى.
فالإنصاف أنّ الاستدلال بهذه الأخبار لمذهب المشهور في غاية الإشكال ، فالعمدة لإثبات مذهبهم هي العمومات الدالّة على وجوب الوضوء عند عروض أسبابه ، وتتميمه فيما إذا لم يحدث منه شيء من هذه الأسباب بعدم القول بالفصل إن ثبت.
وفيه تأمّل ، كما سيأتي التكلّم فيه في غسل المسّ إن شاء الله.
ثمّ إنّ الاستدلال بالعمومات كاستصحاب الحدث وقاعدة الشغل
__________________
(١) تقدّمت الإشارة إلى مصدرها في ص ١٦٨ ، الهامش (٢).
(٢) تقدّمت الإشارة إلى مصدرها في ص ١٦٨ ، الهامش (٥).