قطّ ورأت أوّل ما أدركت واستمرّ بها ، فإنّ سنّة هذه غير سنّة الأُولى والثانية ، وذلك أنّ امرأةً يقال لها : حمنة بنت جحش أتت رسول الله صلىاللهعليهوآله فقالت : إنّي استحضت حيضة شديدة ، فقال لها : احتشي كرسفاً ، فقالت : إنّه أشدّ من ذلك إنّي أثجّه (١) ثجّاً ، فقال : تلجّمي وتحيّضي في كلّ شهر في علم الله ستّة أيّام أو سبعة أيّام ثمّ اغتسلي غسلاً وصومي ثلاثة وعشرين يوماً أو أربعة وعشرين واغتسلي للفجر غسلاً وأخّري الظهر وعجّلي العصر واغتسلي غسلاً وأخّري المغرب وعجّلي العشاء واغتسلي غسلاً».
قال أبو عبد الله عليهالسلام : «فأراه قد سنّ في هذه غير ما سنّ في الأُولى والثانية ، وذلك أنّ أمرها مخالف لأمر تينك ، ألا ترى أنّ أيّامها لو كانت أقلّ من سبع وكانت خمساً أو أقلّ من ذلك ما قال لها : تحيّضي سبعاً فيكون قد أمرها بترك الصلاة وهي مستحاضة غير حائض ، وكذلك لو كان حيضها أكثر من سبع وكانت أيّامها عشراً أو أكثر لم يأمرها بالصلاة وهي حائض».
«ثمّ ممّا يزيد هذا بياناً قوله لها : تحيضي ، وليس يكون التحيّض إلّا للمرأة التي تريد أن تكلّف ما تعمل الحائض ؛ إلا تراه لم يقل لها : أيّاماً معلومة تحيّضي أيّام حيضك».
«وممّا يبيّن هذا قوله لها : في علم الله ، لأنّه قد كان لها وإن كانت الأشياء كلّها في علم الله ، فهذا بيّن واضح أنّ هذه لم يكن لها أيّام قبل
__________________
(١) الثجّ : إسالة الدماء من الذبح والنحر في الأضاحي. وفي حديث المستحاضة : «إنّي أثجّه ثجّاً» يعني الدم ، أي أصبّه صبّاً. مجمع البحرين ٢ : ٢٨٣ «ثجج».