الدم عليها وكانت الاستحاضة دارّةً على لونٍ واحد.
وقد اتّضح لك ممّا ذكرنا اندفاع ما توهّمه صاحب الحدائق من تخصيص الأخبار الآمرة بالرجوع إلى الأوصاف بالناسية دون المبتدئة ، جمعاً بينها وبين هذه الرواية (١).
وفيه مضافاً إلى ما عرفت من ظهور الرواية في خلافه أنّ غاية الأمر تسليم ظهور هذه الرواية فيما ينافي الأخبار المتقدّمة لا صراحتها فيه ، فتكون المعارضة بينهما من قبيل معارضة الظاهرين اللّذين يمكن الجمع بينهما بارتكاب التأويل في كلٍّ منهما ، ومن المعلوم أنّ ارتكاب التأويل في هذه الرواية بتقييد المبتدئة بما إذا استمرّ دمها على لونٍ واحد أولى من التصرّف في تلك الروايات المشهورة المعمول بها عند الأصحاب من وجوه.
ويؤيّد ما ذكرناه في توجيه الرواية ما حقّقه شيخنا المرتضى قدسسره.
والأولى نقل عبارته بطولها ؛ كي يفيدك مزيد بصيرة.
قال بعد نقل الخبر الشريف ـ : وهو مشتمل على أحكامٍ كثيرة للحائض والمستحاضة ، بل ظاهره حصر سنن المستحاضة في الثلاث ، لا حصر نفس المستحاضة في الثلاث كما في الروض حتى التجأ لذلك إلى إدخال مَنْ لم تستقرّ لها عادة في أحد القسمين الأخيرين ، ثمّ رجّح إدخالها في أوّلهما حيث قال : إنّه عليهالسلام حصر الأقسام في الناسية والذاكرة والمبتدئة. ولا يخفى أنّ مَنْ لم تستقرّ لها عادة بعْدُ لا تدخل في الناسية ولا في الذاكرة لعادتها ، فلو لم تدخل في المبتدئة ، بطل الحصر الذي
__________________
(١) الحدائق الناضرة ٣ : ١٨٦ و ١٩٤.