وأنت خبير بأنّ عدّة مواضع من الرواية تأبى عن ذلك ، فالتحقيق دخول الناسية في الرواية ، وحينئذٍ فلا بدّ من إلحاق مَنْ لم تستقرّ لها عادة بإحدى الأصناف المزبورة ، ولا إشكال في عدم لحوقها بالمعتادة ، فبقيت داخلةً في أحد الأخيرين.
لكنّ الظاهر من مساق الرواية عدم اختلاف حكم الأخيرين ، وأنّ ما وقع في الرواية من الحكم برجوع الناسية إلى التميز والمبتدئة إلى الروايات إنّما هو لأنّ الغالب في المبتدئة اتّحاد لون الدم وكثرته لقوّة زائدة ، وفي الناسية خلاف ذلك ، ولذا صرّح فيما بعدُ في الناسية بقوله : «وإن لم يكن الأمر كذلك ولكن الدم أطبق عليها وكان الدم على لونٍ واحد فسنّتها السبع والثلاث والعشرون ؛ لأنّ قصّتها قصّة حمنة حين قالت : إنّي أثجّه ثجّاً» فدلّت على أنّ رجوع حمنة إلى الروايات إنّما كان لاتّحاد لون الدم ، الذي استفاده عليهالسلام من قولها : إنّي أثجّه ثجّاً ، فلو فرض اختلاف الدم في المبتدئة ، فليس لها الرجوع إلى السبع والثلاث والعشرين بمقتضى التعليل المذكور ، فيجب إمّا إلحاقها بالمعتادة ، وهو غير معقول ، وإمّا خروج سنّتها من السنن الثلاث ، وهو باطل بمقتضى الحصر المنصوص عليه في مواضع من الرواية ، فتعيّن إلحاقها بالناسية في الرجوع إلى التميز ، مع أنّ حكمها يمكن أن يستفاد من تعليل رجوع الناسية الفاقدة للتميز إلى الروايات أنّ قصّتها قصّة حمنة ، فدلّ على أنّ كلّ مَنْ كان مثلها لا بدّ أن ترجع إلى الروايات ، وتقدّم في الروايات أنّ إرجاع حمنة إلى الروايات لمخالفتها للقسمين الأوّلين في العادة والتميز ، فدلّ على أنّ التميز كالعادة مقدّم على الروايات مطلقاً ، والمرجع بعده إلى