النقاء بين أسودين صالحين لأن يكون كلٌّ منهما حيضاً بحيث لو كان الأصفر عشرةً وما زاد ، لحكمنا بحيضيّة كلٍّ من الأسودين بمقتضى إطلاق النصوص والفتاوى الآمرة بالرجوع إلى الأوصاف ، فحينئذٍ يقع الكلام تارة فيما أمكن كون مجموع الأسودين مع الصفرة المتخلّلة حيضةً واحدة بأن لم يتجاوز المجموع عشرة ، وأُخرى فيما لا يمكن ذلك بأن تجاوز العشرة ، أمّا إذا أمكن فهل يحكم بكون المجموع حيضةً واحدة فيتبعهما الأصفر ، أو يحكم بكون الأصفر استحاضةً فيتبعه أحد الأسودين؟ وجهان لا يخلو أوّلهما من وجه ؛ نظراً إلى ما أشرنا إليه من أنّ سوق أخبار التميز ـ ولو بانضمام المؤيّدات الخارجيّة التي نبّهنا عليها عند تأسيس ما هو الأصل في كلّ دم ليس بحيض يشهد بأنّها مسوقة لبيان تشخيص الحيض عمّا ليس بحيض ، فالحكم بكون الضعيف ـ الذي هو الأصفر استحاضةً وطهراً إنّما هو لعدم صلاحيّته للحيض من حيث تخلّف أماراته ، فإذا تحقّقت أمارة الحيض في الطرفين ، فهي العلامة لحيضيّة الوسط.
ولو نُوقش في ذلك وقيل بأنّ ظاهر الأخبار كون الصفرة علامة الاستحاضة ، كما أنّ الحمرة والسواد علامة الحيض ، فالحكم بكون الأصفر استحاضةً إنّما هو لوجود علامتها ، لا لثبوت عدم كونه حيضاً ، لكان المتّجه الحكم بكون الأصفر استحاضةً وكون الأسود اللاحق تابعاً له ، نظراً إلى إطلاق الأخبار الدالّة على اعتبار الأوصاف المقيّدة بالإمكان ، فإنّ الأصفر وُجد في زمانٍ أمكن كونه استحاضةً ، والأسود اللاحق وُجد في زمانٍ امتنع كونه حيضاً إلّا على تقدير كون الأصفر المتخلّل حيضاً ، وحيث