الثانية : الرائحة ، فذو الرائحة الكريهة قويّ قليلها ، وهو قوي عديمها.
الثالثة : الثخانة ، فالثخين قويّ الرقيق.
وفي طهارة شيخنا المرتضى رحمهالله : ويلزمهم ملاحظة مراتب الصفات ، فالأشدّ سواداً أو حرارةً أو ثخانةً قويّ ما دونه ، وذكروا أنّ ذا الوصفين قويّ ذي الواحد إذا لم يكن أقوى منهما.
ولعلّ هذا كلّه لما يستفاد من الأخبار من أنّ العبرة بقوّة الدم وضعفه عند اشتباه الحيض بالاستحاضة ، كما يشعر به بل يدلّ عليه التعبير عن ذلك في المرسلة بالإقبال والإدبار ، وقوله عليهالسلام : «دم الحيض أسود يعرف» وقوله عليهالسلام : «دم الحيض ليس به خفاء» فإنّ الظاهر من وكوله إلى الوضوح مع أنّه لا يتّضح عند العرف ، ولا يمتاز عن الاستحاضة إلّا بالقوّة والضعف مطلقاً ، لا خصوص ما نصّ عليه في الروايات أنّ العبرة في التميز بمطلق الأمارات المختصّة بالحيض غالباً ، الكاشفة عند العرف عن الحيض كشفاً ظنّيّاً ، لا أنّ العبرة بمطلق الظنّ حتى يلزمه اعتبار الظنّ ولو من غير الصفات ، وهو باطل إجماعاً (١). انتهى.
وقد نبّهنا على ما استظهره من الروايات في غير موردٍ ممّا تقدّم ، وهو لا يخلو من قوّة خصوصاً بعد اعتضاده بفهم الأصحاب ، فعلى هذا لو انحصر الدم في القويّ والأقوى وتعارضا ، يرجّح الأقوى.
ولكنّ الإنصاف أنّه لا يخلو من إشكال ؛ إذ قلّما لا يتفاوت الدم في
__________________
(١) كتاب الطهارة : ٢١١.