وإن أبيت إلّا عن ظهورهما في إرادة التحيّض بخصوص الأقلّ والأكثر أعني الثلاثة والعشرة دون ما بينهما ، فنقول : ظاهرهما حينئذٍ أيضاً ليس إلّا كونها مخيّرةً في التحيّض بالثلاثة والعشرة مطلقاً من كلّ شهر ، كما عن شارح الروضة (١) اختياره مضيفاً إليهما التحيّض بالسبعة ، لا التحيّض بأحدهما في شهر وبالآخر في الآخر ، كما عليه المشهور.
وأمّا موثّقتان ابن بكير فظاهرهما بل كاد أن يكون صريح الثانية منهما : تعيّن العشرة في الشهر الأوّل والثلاثة في باقي الشهور ، كما حكي القول به عن الإسكافي (٢).
ويحتمل قويّاً أن يكون مراده وكذا المراد من الروايتين بالعشرة عشرةُ التحيّض في ابتداء الدم ؛ لكونها وظيفة المبتدئة بقاعدة الإمكان ونحوها ، لا لكونها مستحاضةً ، وإلّا فحكم المستحاضة التحيّض بالثلاثة مطلقاً ، كما عن المصنّف في المعتبر (٣) تقويته.
ويظهر أثر الأمرين في وجوب قضاء ما فاتتها من الصلاة ونحوها بعد استكشاف كونها مستحاضةً ، فتأمّل (٤).
وقد ظهر لك أنّه ليس في شيء من هذه الأخبار إشعار بما عليه
__________________
(١) الحاكي عنه هو الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ٢١٤ ، والمناهج السويّة مخطوطة.
(٢) كما في جواهر الكلام ٣ : ٢٩٠ ٢٩١ ، وكتاب الطهارة للشيخ الأنصاري ـ : ٢١٤.
(٣) الحاكي عنه هو العاملي في مدارك الأحكام ٢ : ٢٠ ، وانظر : المعتبر ١ : ٢١٠.
(٤) إشارة إلى إمكان أن يقال : إنّها في العشرة الأُولى حائض حقيقةً ، وإنّه إنّما يختلط حيضها بالاستحاضة وتصير مستحاضةً فيما بعدها ، فحكم المستحاضة دائماً التحيّض بالثلاثة لا غير ، فليتأمّل. (منه عفي عنه).