المشهور فضلاً عن الدلالة.
اللهمّ إلّا أن يقال : إنّه يستفاد من مقطوعة سماعة التي ادّعى في محكيّ المنتهى (١) أنّ الأصحاب تلقّوها بالقبول جواز التحيّض بأقلّ الحيض وأكثره في الجملة ، وليس لها إطلاق يمكن التمسّك به لإطلاق تخييرها بين العددين في كلّ شهرٍ شهر ، والقدر المتيقّن إنّما هو الأخذ بأحد العددين في شهر وبالآخر في الآخر ، فلا يجوز التخطّي عنه ؛ لكونه من قبيل دوران الأمر بين التعيين والتخيير ، فلا يحصل القطع بالفراغ إلّا بالعمل بما عليه المشهور.
وهو لا يخلو من نظر.
وكأنّ مَنْ زعم تعيّن التحيّض في الشهر الأوّل بالثلاثة وفي الثاني بالعشرة نظر إلى هذه القاعدة ، وإلّا فليس في الرواية دلالة عليه ، كما أنّ مَنْ زعم تعيّن العكس استفاده من الموثّقتين الآمرتين بأن تتحيّض في الشهر الأوّل عشرة وفيما عداه ثلاثة.
ولا يبعد أن يكون النزاع بينهما لفظيّاً بتعميم الكلام لعشرة التحيّض في ابتداء الدم وعدمه.
وكيف كان فلا يخفى عليك أنّ للتأمّل في جميع مقدّمات هذه الأقوال مجالاً ، لكن لا مجال للتأمّل في جواز العمل بما عليه المشهور ، فالوقوف على ما هُمْ عليه أحوط ؛ فإنّ مقتضى الإنصاف ظهور مضمرة سماعة ورواية خزّاز في كونها مخيّرةً بين التحيّض بأقلّ الحيض وأكثره
__________________
(١) الحاكي عنه هو الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ٢١٤ ، وانظر : منتهى المطلب ١ : ١٠٠.