وما بينهما ، كما ربما يستأنس بذلك من الترديد الواقع في مرسلة يونس ، فتكون الروايتان شاهدتين على أنّ الأمر بتحيّضها ستّاً أو سبعاً وكونه سنّةً مجعولةً في حقّها وكذا الأمر في الموثّقتين بجلوسها في كلّ شهرٍ أقلّ ما يكون من الطمث إنّما هو لكونها أفضل أفراد الواجب المخيّر.
ولا منافاة بين كون ما في الموثّقتين أفضل الأفراد وكون ما في المرسلة أيضاً كذلك باعتبار اختلاف جهات الفضل ؛ إذ لا شبهة في أنّه بملاحظة عدم تعيّن حيضها في الواقع وكون تحيّضها تكليفاً ظاهريّاً بدلاً من الواقع عند المخالفة اقتصارها على ما يرتفع به الحاجة في ترك العبادات ـ كي لا يفوتها مصلحة التكاليف على تقدير ثبوتها في الواقع أولى.
وكذا اختيار الستّ أو السبع بملاحظة كونهما الغالب في عادة النساء من غيرهما من الأعداد.
وإن أبيت إلّا عن عدم إمكان الجمع ، فالترجيح مع مرسلة يونس ؛ لشهرة العمل بمضمونها من دون تصرّف وتأويل ، وسلامتها من شوب الإهمال والإجمال ، وعلى تقدير التكافؤ فالحكم التخيير في الأخذ بكلٍّ من المتعارضات.
وهل التخيير للمفتي عند إفتائه ، أو عليه أن يُخبر المقلّد في الأخذ بمضمونها؟ وجهان ، أو جههما : الثاني ، كما تحقّق في الأُصول.
وقد اتّضح لك أنّ الأقوى ما حكي عن الصدوق والسيّد من التخيير بين الثلاثة والعشرة وما بينهما مطلقاً (١) ، وأنّ اختيارها للسبعة أحوط ،
__________________
(١) تقدّم تخريج قولهما في ص ٢٤٧ ، الهامش (٦).