العادة مطلقاً وما دلّ على اعتبار الأوصاف كذلك ، يدفعه : حكومة بعض الأخبار الدالّة على الرجوع إلى العادة على غيرها ، كمرسلة يونس (١) ، ومصحّحة إسحاق بن جرير (٢) ، الواردة في بيان أوصاف الحيض (٣) ، المصرّحتين بتأخّر مرتبة الرجوع إلى الأوصاف عن الرجوع إلى العادة.
بل يستفاد من المرسلة أنّه لو فرض إمكان كون كلٍّ من واجد التميز ومصادف العادة حيضةً مستقلّة ولم يكن بينهما معارضة بأن تخلّل بينهما الفصل بأقلّ الطهر ، لا يلتفت أيضاً إلى واجد الصفة ، بل يحكم بأنّه استحاضة ؛ لما فيها من التصريح بأنّ سنّتها ليست إلّا ترك الصلاة أيّام أقرائها ، ولا تلتفت إلى إقبال الدم وإدباره ومعرفة ألوانه إلّا إذا لم يكن لها أيام معلومة.
وكذا يستفاد منها ومن غيرها أيضاً أنّ وجه تقديم العادة على الأوصاف كونها أقوى الأمارات ؛ فإنّ الصفرة والكدرة في أيّام الحيض حيض كلّها ، فإذا عرفت أيّامها ، لا تعتني بأوصاف الدم ، فلا فرق بين ما إذا عرفت أيّامها تفصيلاً وقتاً وعدداً بأن استقرّت عادتها من حيث الوقت والعدد ، أو عرفتها من حيث الوقت فقط أو العدد كذلك ، فإنّها تعرف في الأوّل إذا كانت عادتها في أوّل كلّ شهر مثلاً أنّ الصفرة والكدرة في عدّة أيّام من أوّل الشهر إمّا أقلّ الحيض أو القدر الجامع بين أقرائها حيض
__________________
(١) الكافي ٣ : ٨٣ ٨٨ / ١ ، التهذيب ١ : ٣٨١ ٣٨٥ / ١١٨٣.
(٢) في التهذيب : إسحاق بن جرير عن حريز.
(٣) الكافي ٣ : ٩١ ٩٢ / ٣ ، التهذيب ١ : ١٥١ ١٥٢ / ٤٣١ ، الوسائل ، الباب ٣ من أبواب الحيض ، الحديث ٣.