أقول : فالأظهر إرادتها بمعناها الأعمّ واعتبار التميز في طرف المنسيّ خاصّة ، ففائدته تعين وقت حيضها من ذلك الشهر عند موافقته للعدد المعلوم وتعيّن العدد المنسيّ في الوقت المعيّن.
فالمراد من إطلاق القول برجوع الناسية إلى التميز إنّما هو رجوعها إليه من حيث كونها ناسيةً ، فلو ذكرت عادتها من بعض الجهات والخصوصيّات ، لا تعتني بأوصاف الدم من تلك الجهة.
وكيف كان فهذا هو الأظهر بالنظر إلى ما يستفاد من مرسلة يونس ، الحاصرة لأحكام المستحاضة في السنن الثلاث ، فإنّها وإن انصرفت عن جملة من أفراد المستحاضة إلّا أنّه يعرف حكم جميعها بالتدبّر فيها ؛ فإنّه عليهالسلام بيّن فيها على ما نصّ عليه في الرواية جميع أحكام المستحاضة لمن عقلها وفهمها ، وبيّن فيها كيفيّة الاستفادة والتدبّر في كلماتهم عليهالسلام.
وقد أشرنا عند نقلها إلى أنّه يستفاد منها بقرينة بعض فقرأتها وما فيها من التعليلات وكونها مسوقةً لبيان أحكام المستحاضة على وجه العموم بحيث لم يدع لأحد فيها مقالاً بالرأي أنّ السنن الثلاث التي سنّها النبي صلىاللهعليهوآله إنّما هي أحكام عامّة مجعولة لجميع أفراد المستحاضة على سبيل الترتّب ، بمعنى أنّ تكليف المستحاضة مطلقاً أوّلاً الأخذ بعادتها في تشخيص حيضها مهما أمكن ؛ لكونها أقوى الأمارات ، وعند التعذّر إمّا لفقد العادة أو نسيانها حكمها الرجوع إلى الأوصاف ، وعند الامتناع تكليفها التحيّض بستّة أيّام أو سبعة ، فيكون الرجوع إلى العادة بمنزلة رجوع المجتهد إلى الأمارات المنصوبة من قِبَل الشارع بالخصوص ،