وأمّا الاستصحاب فجريانه مبنيّ على قصور الأخبار عن إفادة حكم المسألة ، وقد عرفت مراراً عدم قصور مرسلة يونس الطويلة عن إفادة حكمها ؛ فإنّ مقتضاها بالتقريب الذي عرفته فيما تقدّم هو الرجوع في الأوقات المشكوكة إلى السنّة الثالثة التي سنّها رسول الله صلىاللهعليهوآله لمن لا تعرف أيّامها من عادتها ولا من إقبال الدم وإدباره وتغيّر ألوانه من التحيّض ستّة أيّام أو سبعة.
لكنّك عرفت في المبتدئة أنّه لا يتعيّن عليها اختيار الستّ أو السبع ، بل لها ـ على الأشهر أن تختار ثلاثة أيّام من شهرٍ وعشرة أيّام من شهرٍ آخر ، فلذا ربما يقال فيما نحن فيه أيضاً بكونها كذلك ؛ لظهور المرسلة في مساواتهما في الحكم ، كما تقدّم توضيحه.
لكن يتوجّه عليه : أنّ غاية ما يستفاد من المرسلة مساواتهما في جواز تحيّض كلٍّ منهما في كلّ شهر ستّاً أو سبعاً.
وأمّا جواز تحيّضها ثلاثة أو عشرة فإنّما استفيد من دليلٍ آخر قاصر عن شمول الناسية.
وما يتوهّم من استلزام التفكيك استعمال الأمر بتحيّض مَنْ لا تعرف أيّامها ستّاً أو سبعاً مطلقاً في معنيين : الوجوب التعييني والتخييري ، مدفوع : بعدم كونهما معنيين متباينين ، بل الأمر في مثل الفرض لم يستعمل إلّا في الإلزام بالفعل ، لكن دلّ الدليل الخارجي على قيام فعلٍ آخر مقام المأمور به بالنسبة إلى بعض المصاديق دون بعضٍ ، فالواجب هو الاقتصار في رفع اليد عن ظاهر الأمر على ما يدلّ عليه الدليل الخارجي.