ثمّ إن في المقام أقوالاً متشتّتة لا تخفى على المتتبّع. ويظهر ضعف الجميع ممّا تقدّم في المبتدئة ، والله العالم.
(وأمّا أحكامها) فهي مختلفة باختلاف أقسامها ، فيجب تشخيص أقسامها أوّلاً ثمّ بيان أحكامها.
(فنقول : دم الاستحاضة إمّا أن لا يثقب الكرسف ، أو يثقبه ولا يسيل ، أو يسيل) فالأوّل قليلة ، والثاني متوسّطة ، والثالث كثيرة.
والكرسف على ما صرّحوا به كما عن القاموس (١) ـ : القطنة.
والمراد بثقب الدم الكرسف على ما نصّ عليه في المسالك (٢) ، ويظهر من المدارك (٣) وغيره غمسه له ظاهراً وباطناً ، بل في المسالك ـ بعد بيان المراد قال : فمتى بقي شيء منه من خارج وإن قلّ ، فالاستحاضة قليلة (٤).
فالمراد بثقب الدم نفوذه في أعماق القطنة على وجه يغمسها ويظهر من طرفها الآخر.
وسرّ إرادة هذا المعنى من الثقب مع أنّ المتبادر منه عرفاً أعمّ ؛ لصدقه عند نفوذ الدم في القطنة وبروزه من الطرف الآخر وإن لم يستوعب الأطراف هو : أنّ الدم بنفسه لا يكون بمقتضى العادة ثاقباً إلّا بعد إحاطته بأطراف القطنة الملاصقة للباطن ، فينفذ الدم فيها شيئاً فشيئاً
__________________
(١) حكاه عنه صاحب الجواهر فيها ٣ : ٣١٢ ، وانظر : القاموس المحيط ٣ : ١٨٩.
(٢) مسالك الأفهام ١ : ٧٤.
(٣) مدارك الأحكام ٢ : ٢٩.
(٤) مسالك الأفهام ١ : ٧٤.