وظهور الرواية في إرادة الغسل الواحد كما يدّعيه المستدلّ ليس بضائر للخصم في مثل الفرض ؛ لأنّه يجب عليها الاستظهار بعد الاغتسال بإدخال القطنة ، والمفروض أنّ الدم لا يستولي على القطنة في حدّ ذاته ، ولا يسيل ما لم تطرح ، فيكون بعد الاستظهار ووضع القطنة بمنزلة ما لو عادت الكثيرة قليلةً ، وسيأتي أنّ الأظهر في مثل الفرض أنّه لا يجب عليها إلّا غسل واحد.
ويؤيّد ذلك : رواية الجعفي ، المتقدّمة (١) ، وفيها : «ولا تزال تصلّي بذلك الغسل حتى يظهر الدم على الكرسف ، فإذا ظهر أعادت الغسل وأعادت الكرسف» فإنّ ظاهرها كونها مسوقةً لبيان تكليفها مطلقاً ، وأنّه مهما ظهر الدم على الكرسف أعادت الغسل وأعادت الكرسف.
ودعوى إعمالها إلّا بالنسبة إلى المرّة الأُولى التي يظهر فيها الدم بعد غسل الحيض ، مجازفة.
نعم ، هذه الرواية ساكتة عن حكم ما إذا لم يمكن استمساك الدم بالكرسف بأن يكون إذا أمسكت الكرسف يسيل من خلفه صبيباً لا يرقأ ، فإنّها على هذا التقدير بمنزلة المسلوس والمبطون ، وحكمها الأغسال الثلاثة لا محالة ، لا للفرق بين الاستحاضة الكثيرة والمتوسّطة ؛ إذ لو فرض ظهور الدم في الفرض الأوّل ثانياً أو سيلانه بطرح الكرسف قبل سائر الصلوات أيضاً يجب عليها الغسل والاستظهار.
ويؤيّده رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، قال : سألت
__________________
(١) في ص ٢٨٨.