فإنّا نعترف بذلك ، بل نقول : إنّ الأخبار التي علّق فيها الأغسال على ثقب الكرسف لم يرد منها إلّا ذلك اعتماداً على الغلبة ؛ إذ لا نقول بالأغسال الثلاثة إلّا على تقدير استدامة الحدث ، وهي لا تكون إلّا في مثل الفرض ، وأمّا في غيره لا يجب عليها الغسل إلّا عند تحقّق سببه ، سواء كان في كلّ يوم مرّة أو مرّتين أو قبل كلّ صلاة ، كما سيأتي تحقيقه في حكم المستحاضة الكثيرة.
وملخّص الكلام : أنّ للخصم أن يدّعي أنّ دم الاستحاضة إنّما يكون حدثاً أكبر إذا ظهر بنفسه ، فعند وجود الكرسف يكون المناط ظهوره عليه وإن لم يجزه ، وعند عدمه سيلانه ووصوله إلى الخارج ، كما هو المتبادر من قوله : «إذا سال» فإن بقي ظاهراً بأن تعذّر أو تعسّر استمساكه بالكرسف ؛ لكونه صبيباً لا يرقأ ، فعليها الأغسال الثلاثة ، وإلّا فعليها الاستمساك بعد الاغتسال والصلاة بذلك الغسل ما لم يظهر الدم ، وإذا ظهر ، فعليها إعادة الغسل وإعادة الكرسف ، كما لو رأت دماً كثيراً قبل الظهر فعاد قليلاً ، فإنّ الأظهر أنّ عليها غسلاً واحداً عند إرادة الصلاة ، وإنّما يجب عليها الأغسال الثلاثة على تقدير تحقّق السبب لا مطلقاً ، كما سيأتي تحقيقه.
والإنصاف أنّه لو ادّعي ذلك ، لكان وجهاً وجيهاً للجمع بين شتات الأخبار ، ويؤيّده ظاهر جملة منها.
ولا يتوهّم مخالفته للإجماع وكونه إحداث قول جديد ؛ فإنّه من لوازم القول بمساواة القسمين أي المتوسّطة والكثيرة في الحكم بناءً على أنّ حدوث الكثيرة ولو في غير وقت الصلاة حدث موجب للغسل ،