وكيف كان فليس مقصودهم من هذه العبارات بيان أنّها ما لم تفعل هذه الأفعال هي بحكم الحائض ، فلا أقلّ من الشكّ في ذلك ، فكيف يمكن القطع بكونه إجماعيّاً حتى يكون مستنداً لحكمٍ شرعي!؟ بل كيف يظنّ بأحدٍ أن يلتزم بعموم أحكام الحائض للمستحاضة ، مثل حرمة طلاقها ووطئها ، وبطلان صومها في القليلة ما لم تتوضّأ لصلاتها.
وأمّا دعوى استفادة ذلك من الأخبار : ففيها أنّ جملة من الأخبار مصرّحة بالتفصيل بين الاستحاضة والحيض ، وأنّ الاستحاضة دم آخر ، وله أوصاف غير أوصاف الحيض ، وأحكام غير أحكامه.
وعلى تقدير تسليم كونها ذلك الدم كما يعطيه لفظ الاستحاضة لا يجدي في تسرية أحكام الحائض إليها بعد أن خصّ الشارع موضوعها بما إذا لم يتجاوز دمها العشرة ولم يقصر عن الثلاثة ، وجعل ما عداه قسيماً له ، كما لا يخفى.
نعم ، في بعض الأخبار الآتية ، القاضية بحرمة وطئها ما لم تغتسل إشعار بذلك ، ولكنّه لا يلتفت إليه ، فالشأن في المقام إنّما هو تشخيص الأشياء المحرّمة على المستحاضة ، والقدر المتيقّن منها هي الأشياء المشروطة بالطهور ، مثل : الصلاة والطواف ومسّ المصحف ، وما عداه يحتاج إلى الدليل.
وقد حكي (١) عن المشهور القول بحرمة اللبث في المساجد ودخول المسجدين.
__________________
(١) الحاكي هو صاحب المصابيح كما في جواهر الكلام ٣ : ٣٥٤.