ولا يبعد إرادتهم الحرمة فيما لو احتاجت إلى الغسل ؛ لبعْد التزامهم بذلك في القليلة ، بل ظاهرهم من الحكم بتوقّفه على الغسل إرادة ما عدا القليلة.
ففي طهارة شيخنا المرتضى رحمهالله حكى عن موضعٍ من المصابيح توقّف جواز دخولها على الغسل ، وعن موضعٍ آخر أنّه قال : قد تحقّق أنّ مذهب الأصحاب تحريم دخول المساجد وقراءة العزائم على المستحاضة قبل الغسل.
ثمّ نقل بعض الأقوال المنافية لذلك ، منها : جواز دخولها من غير توقّفٍ ، كقراءة العزائم.
ثمّ قال : ولا ريب في شذوذ هذه الأقوال.
وحكى عن حواشي التحرير أنّه قال : وأمّا حدث الاستحاضة الموجب للغسل فظاهر الأصحاب أنّه كالحيض. وعن شارح النجاة الإجماع على تحريم الغايات الخمس على المحدث بالأكبر عدا المسّ.
ثمّ قال : وظاهرهما الإجماع على وجوب غسل الاستحاضة لدخول المساجد وقراءة العزائم ، ويستفاد ذلك من الغنية والمعتبر والتذكرة (١). انتهى.
أقول : الظاهر أنّ نسبة كونها كالحيض إلى ظاهر الأصحاب كاستفادة الإجماع من الغنية والمعتبر والتذكرة منشؤها العبائر المتقدّمة ، كما نبّه عليه شيخنا المرتضى رحمهالله ، وقد عرفت منع ظهور العبائر المتقدّمة فيما
__________________
(١) كتاب الطهارة : ٢٦١ ، وانظر : الغنية : ٤٠ ، والمعتبر ١ : ٢٤٨ ، وتذكرة الفقهاء ١ : ٢٩٠ ٢٩١ ، المسألة ٩٥.