تترك العبادة ما دامت ترى الدم أو إلى أربعين يوماً مثلاً ، فصدرت الرواية على وفق مذاقهم ، والله العالم.
ثمّ إنّ في الرواية إشكالاً آخر ، وهو إشعارها بأنّ فاطمة سلام الله عليها ـ كانت ترى الدم مع ما تكاثرت به الأخبار من أنّها لم تر حمرة قطّ (١) لا حيضاً ولا استحاضةً.
وربما يجاب عن ذلك : باحتمال أن لا يكون المراد بها الصديقة الطاهرة (سلام الله عليها) بل فاطمة بنت أبي حبيش ، المشهورة بكثرة الاستحاضة.
والأولى أن يجاب : بأنّ أمرها بذلك كان لتعليم المؤمنات ، كما يشعر بذلك ما في بعض الأخبار المتقدّمة في باب الحيض من أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يأمر بذلك فاطمة (سلام الله عليها) وكانت تأمر بها المؤمنات (٢).
وكيف كان فالإنصاف أنّ الاعتماد على هذه الرواية مع ما فيها من الاختلال والإضمار وعدم وضوح استناد المشهور إليها في الحكم ببطلان صوم المستحاضة التي أخلّت بشيء من إعمالها في غاية الإشكال بل غير سديد ، لكنّ الظاهر عدم الخلاف في المسألة.
نعم ، حكى صاحب المستند في مستنده عن المبسوط والمعتبر التوقّف في الحكم ، واستظهره أيضاً عن جمع من المتأخّرين ، كالمدارك والبحار وشرح القواعد للهندي ، وشرح الإرشاد للأردبيلي ، والحدائق.
__________________
(١) انظر : الكافي ١ : ٤٥٨ / ٢ ، و ٤٦٠ / ٦ ، الفقيه ١ : ٥٠ / ١٩٤ ، علل الشرائع : ١٨١ (الباب ١٤٤) وراجع بحار الأنوار ٨١ : ١١٢.
(٢) الكافي ٣ : ١٠٤ / ٣ ، التهذيب ١ : ١٦٠ / ٤٥٩ ، الوسائل ، الباب ٤١ من أبواب الحيض ، الحديث ٢.