النفاس حيضةً واحدة ، كما لو رأت الدم عشرة أيّام قبل الولادة وخمسة أيّام بعدها ، فهل يحكم في الخمسة المتّصلة بأيّام النفاس بكونه حيضاً أو استحاضةً؟ ففيه وجهان.
لكنّك خبير بأنّ استفادة هذا الشرط من ذلك بحيث يلاحظ بالنسبة إلى مجموع الدمين في غاية الإشكال ، بل في حيّز المنع ، بل لولا الأدلّة الخاصّة الآتية ، لامتنع استفادة اشتراط الرجوع إلى العادة أو عدم مجاوزة العشرة ممّا دلّ على أنّ النفاس حيض محتبس ؛ إذ من الجائز أن يحتاج في خروجه حين اجتماعه في المحبس إلى زمانٍ أطول ممّا يقتضيه بالطبع في سائر الأوقات ، ولا يفهم من تلك الأدلّة الخاصّة أيضاً إلّا أنّ هذا الدم ـ الذي يسمّى نفاساً لا يكون زمان خروجه أزيد من العشرة ، فمن الجائز أن يكون هذا التحديد تحديداً لزمان خروج هذا الدم المحبوس من حيث هو ، فلا يضمّ إليه زمان خروج ما رأته سابقاً ممّا زاد عن رزق الولد.
والحاصل : أنّه لا يفهم من ذلك هذا النحو من الشرائط التعبّديّة التي لا يجوز التخطّي عن موردها ، ولذا لا يتوهّم أحد اشتراط عدم مجاوزة النفاسين المتلاحقين العشرة ، فمن الجائز أن يكون الحيض المتعقّب بالنفاس كالنفاس المتعقّب بنفاسٍ آخر ، فالتفصيل المذكور ممّا لا وجه له.
وأمّا الاستدلال لأصل المدّعى : بروايتي عمّار ورزيق : ففيه أنّهما لا تدلّان إلا على أنّ ما تراه في أيّام الطلق ليس بحيض ، وهذا لا ينافي إمكانه وعدم اشتراطه في الواقع بالفصل بأقلّ الطهر ، بل خبر رزيق كاد أن يكون صريحاً في إمكانه ، وإنّما حكم بكونه طهراً ترجيحاً للظاهر على ما تقتضيه قاعدة الإمكان من الحكم بكونه حيضاً ، بل قد عرفت في محلّه