لكن هذه الرواية مع ما فيها من الإرسال مقطوعة ، فيحتمل أن يكون المرويّ فتوى ابن سنان ، فيكون مقصود الشيخ من نقله توهين روايته الصحيحة بعدم التزام راويها بمفادها.
وهذا الاحتمال وإن كان بعيداً في حدّ ذاته إلّا أنّه ليس في عبارة الشيخ ما ينافيه حتى لا يعتنى به من حيث مخالفته لظاهر الكلام.
اللهمّ إلّا أن يدّعى ظهور لفظ الرواية في عرفهم في كونه من الإمام عليهالسلام ، كما ليس بالبعيد.
وعلى تقدير الخدشة فيها متناً وسنداً فلا أقلّ من كونها كفهم المشهور مؤيّدةً لما استظهرناه من الأخبار المتقدّمة من دلالتها على كون النفاس كالحيض من حيث العدد ، وأنّ أكثره لا يزيد عن عشرة أيّام ، كما أنّه لو نُوقش في دلالة تلك الأخبار فلا أقلّ من إشعارها بذلك ، فتكون ـ كفتوى المشهور جابرةً لما في مرسلتي المفيد من ضعف السند بالإرسال.
هذا ، مع إمكان أن يقال : إنّه لا قصور في سنديهما خصوصاً الأُولى ؛ فإنّ قول المفيد : «قد جاءت أخبار معتمدة في أنّ أقصى مدّة النفاس مدّة الحيض عشرة أيّام» (١) لا يكون إلّا بعد عثوره على عدّة أخبار زعم إفادتها لذلك ، فيكون تصريح المفيد بكونها معتمدةً شهادةً إجماليّة بوثاقة كلٍّ منها. ولا تقصر الرواية التي اعتمد عليها مثل المفيد عن الروايات التي اعتمد عليها مثل ابن أبي عمير وأشباهه ممّن أجمعت العصابة على قبول مراسيله كما قيل (٢) ، فما ظنّك بما أخبرك المفيد بعثوره
__________________
(١) المقنعة : ٥٧.
(٢) اختيار معرفة الرجال : ٥٥٦ / ١٠٥٠.