ولا يبعد أن تكون المناسبة المصحّحة للعلّيّة هي معلوميّة عدم تحيّض النساء عادةً في كلّ شهر أزيد من مرّة وإن كان ربما يعجّل الدم بيوم أو يومين ولكنّه ليس التحيّض في شهرٍ مرّتين تامّتين عادةً للنساء ، فإذا كان المتعارف بينهنّ ذلك ، يحسن التعليل ؛ لأنّه إذا كان حيض كثيرة الدم عشرة أيّام ولم يتعدّ عنها ، فكيف يكون الطهر أقلّ من عشرة مع أنّها لا تتحيّض في الشهر إلّا مرّة واحدة!؟
وكيف كان فظاهر هذه الفقرة بل صريحها كغيرها من الأخبار السابقة : أنّ دم الحيض كثيره يمتدّ سيلانه عشرة أيّام ولا يزيد عليها ، وقليله يمتدّ ثلاثة أيّام ولا يقصر عنها ، والمتبادر منها كغيرها من الروايات ليس إلّا إرادة الأيّام المتوالية في أكثر الحيض وأقلّه ، كما هو المتبادر إلى الذهن بالنسبة إلى أدنى الطهر ، ولكنّه يفهم من قوله عليهالسلام : «وإذا رأت المرأة الدم» إلى آخره : أنّ التوالي والاستمرار المتبادر منها ليس من مقوّمات الموضوع ، وإنّما المناط سيلان الدم ثلاثة أيّام من جملة العشرة ، فإن رأت يوماً أو يومين وانقطع ثمّ عاد قبل انقضاء عشرة أيّام من يوم رأت الدم ما يتمّ به ثلاثة أيّام ، فمجموعه حيضة واحدة.
ويستفاد من هذه الفقرة مضافاً إلى ما عرفت أنّ رؤية الدم في أيّام العادة أمارة الحيض ، فتتحيّض المرأة بمجرّد الرؤية ، فإن استمرّ ثلاثة أيّام ، يستقرّ حيضها ، وإن انقطع بعد أن رأت يوماً أو يومين ، فهي متحيّرة ؛ لتردّد دمها بين أن يكون حيضاً أو دماً آخر ، فيجب عليها حينئذٍ بمقتضى أصالة عدم الحيض أن تصلّي ، وليس في أمر الإمام عليهالسلام بالاغتسال والصلاة إشعار بكون النقاء المتخلّل في أثناء حيضة واحدة