المتقدّمة المعتضدة بفتوى الأصحاب وإجماعهم ، التي جعل الحكم المذكور في هذه الفقرة متفرّعاً عليها ، بأن يحمل قوله عليهالسلام : «عدّت من أوّل ما رأت الدم الأوّل والثاني» (١) على إرادة أنّها عدّت من أوّل زمان رأت فيه هذين الدمين ، أي من ابتداء رؤية الدم.
وإن أبيت إلّا عن ظهور هذه الفقرة فيما زعمه صاحب الحدائق وعدم صلاحيّة ما ذكر لصرفها عن ذلك ، فنقول : إنّه لا بدّ حينئذٍ من ردّ علمها إلى أهله ؛ إذ لا يمكن إثبات حكم شرعيّ مخالف لصريح الإجماع والأخبار الكثيرة الظاهرة في أنّ الحيض لا يكون أكثر من عشرة أيّام متوالية ، والطهر لا يكون أقلّ منها بمثل هذه الفقرة ، مع ما فيها من التشويش والاضطراب وعدم مناسبتها لسائر الفقرات ، بل سيتّضح لك عدم جواز العمل بهذه الفقرة أصلاً ولو على المعنى الأوّل ؛ لما ستعرف من أنّ ذات العادة كما هو المفروض في هذه الفقرة إذا تجاوز دمها العشرة ، ترجع إلى عادتها ، وتجعل ما عداها استحاضةً ، خلافاً لصريح هذه الفقرة ، فلا بدّ من طرحها ؛ لابتلائها بالمعارضات التي منها ظاهر الفقرة التي بعدها.
ولنعم ما قال شيخنا المرتضى رحمهالله : إنّه لا يبعد أن يكون ما في الرواية من الاضطراب ناشئاً من ضمّ الراوي حين كتابة الرواية بعض ما حفظه بألفاظه إلى ما نقله بالمعنى (٢) ، والله العالم.
__________________
(١) الكافي ٣ : ٧٦ ٧٧ / ٥ ، التهذيب ١ : ١٥٨ / ٤٥٢ ، الوسائل ، الباب ١٢ من أبواب الحيض ، الحديث ٢.
(٢) كتاب الطهارة : ١٩٣.