فاتّضح لك أنّ الرواية لا تصلح مستندةً لصاحب الحدائق ، بل هي دالّة على بطلان مذهبه من جهات.
نعم ، هي صريحة في خلاف المشهور من عدم اعتبار التوالي في الثلاثة ، وقد عرفت حكومتها على غيرها من الأخبار الظاهرة في اعتبار الاستمرار والتوالي.
وقد أُجيب عنها : بضعف السند.
ونُوقش فيه : بوثاقة سندها ، وأمّا إرسالها فلا ضير فيه ؛ لأنّ المُرسل ـ وهو يونس ممّن نقل الإجماع على قبول مراسيله ، وأنّها كالمسانيد ، ولذا قال شيخنا المرتضى قدسسره : والأولى في الجواب عنها بأنّها مخالفة للمشهور ، بل شاذّة (١) ، كما عن الروض وجامع المقاصد دعواه (٢) ، بل عن الجامع أنّ الكلّ على خلاف رواية يونس. ولكنّه استظهر منها ما فهمه صاحب الحدائق ، فادّعى الإجماع على خلافه.
قال فيما حكي عنه : إنّه لو رأت ثلاثة أيّام متفرّقة أو ساعات متفرّقة ، يتلفّق منها ثلاثة ، وكانت وحدها حيضاً على رواية يونس ، وعلى خلافها الكلّ (٣). وقد عرفت ما في هذه الاستفادة من النظر.
وكيف كان فالرواية ممّا لا تأمّل في إعراض المشهور عنها ، إلّا أنّ رفع اليد عنها مع وثاقة سندها وعمل الشيخ وغير واحد من القدماء
__________________
(١) كتاب الطهارة : ١٩١.
(٢) حكاها عنهما الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ١٩١ ، وانظر : روض الجنان : ٦٢ ، وجامع المقاصد ١ : ٢٨٧.
(٣) حكاه عنه الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ١٩٠ ، وانظر : الجامع للشرائع : ٤٣.