وفيه : ما لا يخفى ؛ فإنّ التمسّك بإطلاق كون الدم الثاني من الحيضة الأُولى فرع إحراز كون الأوّل حيضاً ، وهذا ممّا لا كلام فيه ، وإنّما النزاع في أنّه هل يشترط في كون الأوّل حيضاً أن يستمرّ ثلاثة أيّام أم لا؟ فكيف يتمسّك بهذا الإطلاق لنفي ما يشكّ في اعتباره في حيضيّة الأوّل!؟
هذا ، مع إمكان دعوى ظهور الموثّقة في حدّ ذاتها فيما عليه المشهور ؛ لما عرفت فيما سبق من ظهور قوله عليهالسلام : «أقلّ ما يكون الحيض ثلاثة أيّام» (١) في إرادة الاستمرار والتوالي ، فالمقصود من الرواية ـ على ما هو الظاهر منها أنّ أقلّ ما يكون الحيض أن يستمرّ الدم ثلاثة أيّام ، فإن انقطع بعدها ثمّ عاد قبل انقضاء العشرة فهو من الحيضة الأُولى ، وإن رأته بعد العشرة ، فهو من حيضة مستقبلة.
ثمّ لا يخفى عليك أنّ الشرطيّتين في هاتين الروايتين ليستا مسوقتين لبيان أنّ كلّ دم رأته قبل العشرة فهو دم الحيض ويُعدّ من الحيضة الأُولى ، وكلّ دم رأته بعد العشرة فهو من حيضة مستقبلة ، بل هما مسوقتان لبيان أنّها لو رأت دم الحيض قبل انقضاء العشرة ، فهو من الحيض الأوّل ، ولو رأت دم الحيض بعدها ، فهو من حيضة مستقبلة ، وليس إطلاقهما وارداً لبيان جميع ما يعتبر في ماهيّة الحيض حتى يتمسّك به لنفي ما يشكّ في اعتباره في ماهيّة الحيض من اعتبار التوالي ونحوه ، ولا سيّما الشرطيّة الثانية في الموثّقة ، فإنّها بحسب الظاهر تعبير عمّا يفهم
__________________
(١) التهذيب ١ : ١٥٦ / ٤٤٨ ، الإستبصار ١ : ١٣٠ ١٣١ / ٤٤٩ ، الوسائل ، الباب ١٠ من أبواب الحيض ، الحديث ١١.