دون أن يتحقّق الفصل بأقلّ الطهر ، فإن كان مجموعها حيضةً واحدة ، للزم كونها أكثر من عشرة ، وإلّا للزم كون الطهر الواقع بين حيضتين مستقلّتين أقلّ من عشرة.
فالوجه في الروايتين تنزيلهما على بيان تكليف من اختلط عليها حيضها في مقام العمل ، بل هذا هو الظاهر من سياقهما ، كما يشهد به الأمر بترتيب أحكام المستحاضة بعد انقضاء شهر ، فمقتضى ظاهر الروايتين أنّ تكليف هذه المرأة أن تترك الصلاة عند رؤية الدم ، وتصلّي عند انقطاعه احتياطاً حتى ينكشف الواقع أو يمضي شهر فتعمل عند رؤية الدم بعده ما تعمله المستحاضة.
قال المصنّف في محكي المعتبر بعد نقل هذا التوجيه وما يقرب منه عن الشيخ رحمهالله : هذا تأويل لا بأس به. ولا يقال : الطهر لا يكون أقلّ من عشرة أيّام. لأنّا نقول : هذا حقّ ولكن هذا ليس بطهر على اليقين ولا حيضاً ، بل هو دم مشتبه تعمل فيه بالاحتياط (١). انتهى.
فتلخّص لك من جميع ما ذكرنا أنّه كما يمتنع أن تتحقّق حيضة واحدة في أقلّ من ثلاثة أيّام ، كذلك يمتنع أن تتحقّق في أكثر من عشرة أيّام ، وأنّ النقاء المتخلّل في أثناء حيضة واحدة حيض لا طهر ، وإلّا للزم كون الطهر أقلّ من عشرة أيّام ، وهو باطل نصّاً وإجماعاً.
وظهر لك فيما تقدّم أنّ المتبادر من قوله عليهالسلام : «أقلّ الحيض ثلاثة أيّام» (٢) إرادة استمرار الدم في تلك الثلاثة أيّام بأن ترى الدم من أوّل اليوم
__________________
(١) حكاه عنه الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ١٩٤ ، وانظر : المعتبر ١ : ٢٠٧.
(٢) الفقيه ١ : ٥٥ / ٢١٠ ، الوسائل ، الباب ١٠ من أبواب الحيض ، الحديث ٦.