ونحو ذلك من المقامات التي وقع النزاع في إمكان كونه حيضاً عند الشارع وعدمه.
وهو لا يخلو من تأمّل ؛ إذ الظاهر على ما هو المستفاد من بعضهم ، كالشهيد في الروضة وغيره أنّه بعد تسليمها تختصّ بما علم إمكان حيضيّته عند الشارع كأن تكون المرأة مثلاً بالغةً غير يائسة ورأت الدم ثلاثة أيّام متواليات ولم يكن مسبوقاً بما يمنع من الحكم بحيضيّته ولم تكن حبلى عند مَنْ اختار أنّ الحبلى لا تحيض ، فإنّها تحكم حينئذٍ بالحيضيّة ؛ لأنّه زمان يعلم صلاحيّته للحيض شرعاً (١). انتهى.
فالمراد من الإمكان على ما صرّح به الشهيد هو الإمكان في الواقع وفي نظر الشارع ، كما هو المتبادر من لفظ «الإمكان» لا الإمكان الاحتمالي ، كما تخيّله مَنْ تمسّك بعموم القاعدة في مواقع النزاع.
ولكنّ الإنصاف أنّ المعنى الثاني هو الذي ينسبق إلى الذهن في خصوص المقام بحيث لو كان لنا خبر معتبر بهذا المضمون ، لكُنّا نحمله عليه ؛ إذ من المستبعد جدّاً إرادة الإمكان الواقعي في مقام تأسيس قاعدة ظاهريّة يرجع إليها الشاكّ في مقام العمل.
كيف! ولو أُريد الإمكان الواقعي على الإطلاق كما هو مقتضى ظاهر اللفظ ـ لتعذّر الاطّلاع عليه عند الجهل بكون الدم الموجود حيضاً ؛ إذ لا واسطة في الممكنات بين الامتناع العرضي والوجوب العرضي حيث إنّه عند تحقّق علّته التامّة يجب وعند انتفائها يمتنع ، فيصير على هذا
__________________
(١) جواهر الكلام ٣ : ١٦٤ ، وانظر : الروضة البهيّة ١ : ٣٧٢ ٣٧٤.