التقدير معنى «كلّ ما لم يمتنع أن يكون حيضاً فهو حيض» : كلّ ما وجب أن يكون حيضاً فهو حيض : وهو كما ترى.
وحَمْلُ الإمكان على الإمكان الواقعي لكن بالنظر إلى الموانع الكلّيّة المقرّرة في الشريعة كما هو ظاهر الشهيد وغيره لا الموانع الشخصيّة المحتملة في خصوصيّات الموارد ليس بأولى من إرادة الإمكان الاحتمالي ، بل الأمر بالعكس.
ولكنّك خبير بأنّ هذا النحو من الترجيحات إنّما يتمشّى على تقدير إحراز كون هذه الفقرة بلفظها صادرةً من الإمام عليهالسلام لا في مثل ما نحن فيه ؛ فإنّ مجرّد وقوعها في معاقد إجماعاتهم المنقولة لا يكشف عن ذلك خصوصاً مع معلوميّة عدم التزام كثيرٍ من نَقَلة الإجماع بعموم القاعدة بهذا المعنى وتفسير بعضهم لها بالمعنى الأوّل.
وكيف كان فالمتّبع هو الدليل.
والذي يقتضيه التحقيق ويشهد به التتبّع والتأمّل في الأخبار وسيرة الناس في جميع الموارد هو : أنّ كلّ احتمال ينافيه أصالة السلامة لا يلتفت إليه ؛ لأنّ أصل السلامة أصل معتبر معتمد عليه عند العقلاء كافّة في جميع أُمورهم معاشاً ومعاداً ، ومعلومٌ أنّ الحيض دم يقذفه الرحم بمقتضى طبعه ، وأمّا الاستحاضة فإنّه وإن قلنا بأنّها لا تكون إلّا من آفة إلّا أنّ آفتها عامّة ، فلا يبعد أن يقال : إنّها ليست بحيث ينافيها أصالة السلامة. فلو تردّد الدم بين كونه حيضاً أو استحاضةً وبين كونه من قرح أو جرح أو علّة أُخرى مجهولة الأصل ، فلا يعتنى بسائر الاحتمالات ، بل يبنى على كونه حيضاً أو استحاضةً.