فظهر لك أنّه لا يصحّ التمسّك بمثل هذه الأخبار لتأسيس أصل يرجع إليه في موارد الشكّ.
لكنّ الإنصاف أنّ المتأمّل فيها وفي غيرها من الشواهد والمؤيّدات لا يكاد يشكّ في نجاسة دم ذي النفس مطلقا ، عدا ما ثبت طهارته ، أعني الدم المتخلّف في الذبيحة ، ولا أقلّ من كونها موجبة للوثوق بصدق ما ادّعاه جماعة من الإجماع على هذه الكلّيّة.
هذا ، مع أنّ مغروسيّتها في أذهان المتشرّعة من أقوى شواهد صدقها ، بل كادت تلحقها بضروريّات المذهب ، فيكون معقد إجماعهم كمتن خبر معتبر يجب الرجوع إلى عمومه في مواقع الشكّ.
وربما يدّعى أنّ الأصل في الدم مطلقا النجاسة إلّا أن يثبت خلافه ، فالدم المخلوق آية وإن لم يكن دم حيوان محكوم بنجاسته.
واستدلّ لذلك : بإطلاق بعض معاقد الإجماعات المحكيّة على نجاسة الدم مطلقا عدا دم ما لا نفس له والمتخلّف في الذبيحة.
وبإطلاق النبويّ : «يغسل الثوب من المنيّ والدم والبول» (١).
وموثّقة عمّار عن أبي عبد الله عليهالسلام في حديث قال : «كلّ شيء من الطير يتوضّأ ممّا يشرب منه إلّا أن ترى في منقاره دما ، فإن رأيت في منقاره دما فلا توضّأ منه ولا تشرب» (٢).
__________________
(١) سنن الدار قطني ١ : ١٢٧ / ١ ، سنن البيهقي ١ : ١٤ ، مستند أبي يعلى ٣ : ١٨٥ ـ ١٨٦ / ١٦١١.
(٢) الكافي ٣ : ٩ ـ ١٠ / ٥ ، التهذيب ١ : ٢٢٨ / ٦٦٠ ، الإستبصار ١ : ٢٥ / ٦٤ ، الوسائل ، الباب ٤ من أبواب الأسار ، ح ٢.