إنّما يجدي لمن أذعن بذلك واعتقد عدم مدخليّة شيء من الخصوصيّات بأن يكون مناط الحكم لديه منقّحا ، وإلّا فلو احتمل مدخليّة بعض الخصوصيّات المكتنفة به ـ كخروجه إلى ظاهر الجسد ، أو كونه من الأجزاء الأصليّة للحيوان ، دون ما إذا كان من قبيل العلقة التي يستحال إليها النطفة ـ لا ينهض مثل هذه الأخبار حجّة لحسم هذه الشبهة ، إذ ليس فيها عموم لفظي أو إطلاق معتبر يستند إليه في إثبات نجاسة المشكوك ، وإنّما استكشفنا العموم منها بطريق اللّبّ بتنقيح المناط ، واستكشاف معروفيّة نجاسة الدم من حيث هو لدى الأئمّة والسائلين على وجه كانوا يرسلونها إرسال المسلّمات ، ومن المعلوم أنّه لو كان دم العلقة ـ مثلا ـ في الواقع طاهرا ولم يتعرّض لبيانه الإمام عليهالسلام في ضمن هذه الأخبار ، لم يرتكب قبيحا ولا مخالفة ظاهر حتّى ينافيه قاعدة الحكمة المقتضية لحمل اللفظ على ظاهره.
أمّا الأخبار الخاصّة فحالها واضح ، لأنّ التخطّي عن خصوص مواردها فضلا عن إثبات العموم بها لم يكن إلّا بالاستنباطات العقليّة لا بالدلالة اللفظيّة.
وأمّا الأخبار المطلقة المسوقة لبيان حكم آخر ـ كما هو الغالب في أخبار الباب ـ فلا يصحّ التمسّك بإطلاقها لإثبات عموم النجاسة ، فإنّ من شرط التمسّك بالإطلاق عدم كونه مسوقا لبيان حكم آخر ، وإلّا فلا ينافيه الإهمال ، كما تقرّر في محلّه.
وما قد يتوهّم ـ من أنّ دلالة المفرد المعرّف ـ أعني لفظ «الدم» ـ على العموم بالوضع لا بالإطلاق ، فلا يشترط في التمسّك بعمومه الشرط المذكور ـ وهم فاسد.