دلّ على حلّيّة أكل اللحم بدون هذه المبالغات دلّ على حلّيّة ما يتضمّنه من الدم ، وهي أخصّ من طهارته ، كما هو واضح.
وما عن شارح الدروس ـ من المناقشة في اقتضاء هذا الاستدلال طهارة ما تخلّف فيه من الدم بعد بروزه بقوله : قد يقال : إنّه إذا خرج منه دم يحكم بنجاسته ، وإذا لم يخرج ولم يظهر فهو طاهر وإن كان في اللحم ، ولا يصدق معه حينئذ إذا أكل في ضمن لحمه أكل الدم ، بل هو أكل السمك حينئذ ، بخلاف ما إذا خرج ، ولا تحكّم ، لأنّ الأحكام تدور مدار الأسماء ، ويختلف الاسم قبل الخروج وبعده (١).
انتهى ـ في غير محلّها ، لأنّ إطلاق السمك على المجموع لا يوجب عدم كون ما تضمّنه من الدم مصداقا لمفهومه ، بل العرف يشهد بكون السمك اسما للجملة المشتملة على اللحم والعظم والدم ، فلو كان الدم نجسا ، لتوقّف حلّيّة أكل ما عداه على تخليصه منه.
فلو استند فيما ذكره من التفصيل إلى إبداء احتمال العفو عنه ما دام في الباطن ، كما في الحيوان الحيّ حيث لا حكم لدمه حال حياته ما لم يظهر ، كان أسلم من الخدشة.
لكن يتوجّه عليه حينئذ أيضا ما أشرنا إليه من قضاء العادة بتغيّر لون الماء به ، فطبخه في الماء لا ينفكّ غالبا عن ظهور دمه وتغيّر الماء به ، وكفى بظهوره في ضمن الماء علّة لانفعال الماء به ، كما في الماء الممتزج بالدم الخارج من حلق الحيوان.
__________________
(١) مشارق الشموس : ٣٠٥.