نعم ، ذكر الحلّي في بحث المياه في رفع استبعاد تطهّر الماءين النجسين المتفرّقين بعد جمعهما إذا بلغا كرّا : ألا ترى أنّ عصير العنب قبل أن يشتدّ حلال طاهر ، فإذا حدثت الشدّة حرمت العين ونجست ، والعين ـ التي هي جواهر ـ على ما كانت عليه ، وإنّما حدث معنى لم يكن كذلك. وكذلك إذا انقلب خلّا ، زالت الشدّة عن العين وطهرت ، وهي على ما كانت عليه. وأمّا في بحث النجاسات فمع ذكر الخمر وإلحاقه الفقّاع بها لم يذكر العصير أصلا.
والذي أراه أنّ مراده بشدّته ليس غلظته وثخانته ، بل المراد هو القوّة الحاصلة للمسكر ، فيكون المراد منه الخمر ، ولذا لم يذكر الغليان ولا قبل ذهاب الثلثين ، ورتّب زوال الشدّة على الانقلاب خلّا (١). انتهى.
ويحتمل إرادة هذا المعنى من الشدّة في عبارة جملة من القائلين بنجاسته ، كالعبارة المتقدّمة (٢) عن المعتبر ، كما فهمه الشهيد.
بل في المستند : ولو لا أنّ المتأخّرين ـ الذين ذكروا العصير ـ ذكروه بعد الخمر وفسّروا الاشتداد بالثخانة لقلت : إنّ مراد جميعهم ما ذكرنا.
ثمّ قال : والذي يختلج ببالي أن يكون جماعة من القدماء عبّروا عن الخمر بمثل ذلك ، ولأجله وقع في العصير الخلاف (٣). انتهى.
ويشهد لما استظهره من شهرة القول بطهارته بين متأخّري المتأخّرين : مراجعة كتبهم حيث يعرف بها كون طهارته لديهم أشهر وإن زعم كلّ من القائلين
__________________
(١) مستند الشيعة ١ : ٢١٤ ـ ٢١٥ ، وانظر : السرائر ١ : ٦٦ ، و ١٧٨ ـ ١٧٩.
(٢) في ص ١٩١.
(٣) مستند الشيعة ١ : ٢١٥.