نحوها من التصريح بكون العصير بعد غليانه بحكم الخمر ، إذ لا ظهور له إلّا في إرادته من حيث الحرمة ، بل لا يفهم الحكم بالنجاسة في مورد الخلاف من التصريح بكون ذهاب ثلثيه مطهّرا له ما لم يصرّح بكون غليانه سببا لنجاسته.
ألا ترى أنّ الشهيد صرّح في العبارة المتقدّمة (١) عن الذكرى بأنّه لا دليل على نجاسة غير المسكر ، وعن بيانه (٢) أيضا التصريح بذلك ، تعريضا على من ألحق العصير بالمسكرات ، ولم يذكره في الدروس واللمعة في عداد الأعيان النجسة ، لكن عدّ في الدروس (٣) نقص العصير وانقلابه ، وفي اللمعة (٤) ذهاب ثلثيه من جملة المطهّرات ، فيستفاد من مجموع كلماته أنّه لا يقول بنجاسته بعد غليانه إلّا على تقدير صيرورته مسكرا ، وبعد صيرورته كذلك يطهّره ذهاب الثلثين ، والانقلاب.
وكيف كان ففي المسألة في هذه الأعصار قولان مشهوران. وأمّا الأعصار المتقدّمة فلم يتّضح لنا حالها.
حجّة القائلين بالطهارة : الأصل.
ويؤيّده خلوّ الأخبار الكثيرة ـ الواردة في العصير ـ عن الأمر بغسل ملاقيه ، والاجتناب عنه مع عموم الابتلاء به.
ويزيده تأييدا عدم التعرّض في شيء من الأخبار لبيان حكم الآلات التي
__________________
(١) في ص ١٩٢.
(٢) الحاكي عنه هو العاملي في مدارك الأحكام ٢ : ٢٩٣ ، وانظر : البيان : ٣٩.
(٣) الدروس ١ : ١٢٢.
(٤) اللمعة الدمشقيّة : ١٧.