الزمان ـ عجّل الله تعالى فرجه ـ في زمان الغيبة ـ استشكل في الصلاة في الثياب المتّخذة من المجوس بواسطة أنّهم يأكلون الميتة ولا يغتسلون من الجنابة (١) ، فيستفاد من مثل هذا السؤال : أنّ احتمال نجاسة المجوس ذاتا لم يكن طارقا بذهنه ، وإلّا لكان الفحص عن حكم الثياب بملاحظتها أولى ، فيظنّ بمثل هذه الأسئلة أنّ معروفيّتها لدى العوام ومغروسيّتها في أذهانهم نشأت من شهرة القول بها بين العلماء الذين هم مرجع تقليد العوام ، وهي في حدّ ذاتها لا تفيد الجزم بالحكم خصوصا مع قوّة احتمال كون مستند المشهور في الحكم بالنجاسة ـ كما يساعد عليه مراجعة كتبهم ـ استظهارها من الآية الشريفة ببعض التقريبات المتقدّمة ، فلم يجوّزوا رفع اليد عن ظاهر الكتاب بأخبار الطهارة إمّا بناء منهم على أنّها أخبار آحاد ، ولا يجوز تخصيص الكتاب بها ، أو لزعمهم ابتلاء المخصّص بالمعارض ، أو غير ذلك من جهات الترجيح ، فلا وثوق بوصول الحكم إليهم يدا بيد عن معصوم عليهالسلام ، أو عثورهم على دليل معتبر غير ما بأيدينا من الأدلّة.
والحاصل : أنّه لا يجوز طرح الأخبار الدالّة على الطهارة أو المؤيّدة لها ـ التي لا تتناهى كثرة ـ بمثل هذه التلفيقات التي تشبّث بها القائلون بالنجاسة حتّى ألحق المسألة بعضهم بالبديهيّات التي رأى التكلّم فيها تضييعا للعمر ، مع أنّه لا يرجع شيء منها إلى دليل يعتدّ به ، عدا ظواهر أخبار النجاسة التي عرفت حالها.
فالحقّ أنّ المسألة في غاية الإشكال ولو قيل بنجاستهم بالذات والعفو عنها لدى عموم الابتلاء أو شدّة الحاجة إلى معاشرتهم ومساورتهم أو معاشرة من
__________________
(١) تقدّمت الإشارة إلى مصدره في ص ٢٤٩ ، الهامش (٤).