ودعوى أنّه سبب عادي للقطع بالموافقة غير مجدية بعد أن لم يجد الإنسان من نفسه القطع الذي هو أمر وجدانيّ لا تجوز مخالفته عقلا ، والطبع مجبول على اتّباعه قهرا.
وبهذا ظهر لك ضعف الاستدلال للنجاسة : بالشهرة ونقل الإجماع وغيرهما من المؤيّدات التي تقدّمت الإشارة إليها.
لكن لقائل أن يقول : إنّ ما ذكر من أدلّة النجاسة وإن لا يصلح شيء منها في حدّ ذاته لإثبات المدّعى في مقابلة هذه الأخبار الكثيرة ، لكن ربما يحصل ـ بملاحظة المجموع من نقل الإجماع والشهرة وشذوذ المخالف ومغروسيّته في أذهان المتشرّعة على وجه صار لديهم نظير الضروريّات الثابتة في الشريعة ، التي يعرفها العوام والنساء والصبيان ، وغيرها من المؤيّدات المعاضدة لظواهر أخبار النجاسة ـ الجزم بنجاستهم وكون أخبار الطهارة مؤوّلة أو معلولة.
والإنصاف أنّ هذه الدعوى قريبة جدّا ، فإنّه ربما يحصل بملاحظة معروفيّته في الشريعة لدى العوام والخواصّ وتجنّبهم عن مساورة أهل الكتاب الجزم بالحكم ، لكونها ـ كالسيرة القطعيّة ـ كاشفة عن رأي المعصوم.
لكنّ الذي يوهنها في خصوص المقام السير في أخبار الباب ، فإنّها تشهد بحدوث هذه السيرة وتأخّرها عن عصر الأئمّة عليهمالسلام ، لشهادة جلّها بخلوّ أذهان السائلين ـ الذين هم من عظماء الشيعة ورواة الأحاديث ـ عن احتمال نجاستهم الذاتيّة ، وأنّ الذي أوقعهم في الريبة الموجبة للسؤال عدم تجنّبهم عن النجاسات ، حتّى أنّ محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري ـ الذي كتب إلى صاحب