مسوقة لبيان هذا الحكم ، فإنّه يفهم من جميعها كون نجاستها من الأمور المسلّمة.
فما توهّمه صاحب المعالم على ما حكي (١) عنه ـ من انحصار الدليل للتعميم في الإجماع المنقول ، وقصور الأخبار الواردة في الميتة عن إثبات نجاستها إلّا في الموارد الجزئيّة ـ ضعيف.
والعجب من تشكيك صاحب المدارك في أصل الحكم ـ أعني نجاسة الميتة ـ بزعمه انحصار دليلها في الإجماع الذي خدشه باستظهاره المخالفة من الصدوق ، فإنّه ـ بعد نقله من المعتبر دعوى إجماع الناس عليها ، وعن المنتهى الاستدلال عليها : بأنّ تحريم ما ليس بمحرّم بالأصل ولا فيه ضرر كالسمّ يدلّ على نجاسته ، ومناقشته فيه بالمنع الظاهر ـ قال : نعم ، يمكن الاستدلال عليها بالروايات المتضمّنة للنهي عن أكل الزيت ونحوه إذا ماتت فيه الفأرة ، والأمر بالاستصباح به ، لكنّه غير صريح في النجاسة ، وبما رواه الشيخ ـ في الصحيح ـ عن حريز ، قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام لزرارة ومحمّد بن مسلم : «اللبن واللّبأ والبيضة والشعر والصوف والقرن والناب وكلّ شيء ينفصل من الشاة والدابّة فهو ذكيّ ، وإن أخذته منه بعد أن يموت فاغسله وصلّ فيه» (٢).
وجه الدلالة : أنّ الظاهر أنّ الأمر بغسل ما يؤخذ من الدابّة بعد الموت إنّما هو لنجاسة الأجزاء المصاحبة له من الجلد.
ويتوجّه عليه : أنّ الأمر بالغسل لا يتعيّن كونه للنجاسة ، بل يحتمل أن يكون
__________________
(١) الحاكي عنه هو البحراني في الحدائق الناضرة ٥ : ٥٤ ، وانظر : معالم الدين (قسم الفقه) : ٤٨١.
(٢) التهذيب ٩ : ٧٥ ـ ٨٦ / ٣٢١ ، الإستبصار ٤ : ٨٨ ـ ٨٩ / ٣٣٨.