وقد حكي عنه أيضا أنّه قال في مقام الاستدلال عليه : ولا خلاف بين الأمّة كافّة أنّ المساجد يجب أن تجنّب النجاسات العينيّة ، وأجمعنا بغير خلاف أنّ من غسّل ميّتا له أن يدخل المسجد ويجلس فيه ، فلو كان نجس العين ، لما جاز ذلك ، ولأنّ الماء المستعمل في الطهارة الكبرى طاهر بغير خلاف ، ومن جملة الأغسال غسل من مسّ ميّتا ، ولو كان ما لاقى الميّت نجسا ، لما كان الماء الذي يغتسل به طاهرا (١). انتهى.
ولا يخفى عليك أنّ هذا المعنى أيضا مآله إلى منع السراية بالمعنى المعهود ، وكون وجوب غسل الملاقي حكما تعبّديّا ، فما نسب إليه من القول بكونه نجسا غير منجّس في محلّه.
وأمّا ما استدلّ به لمدّعاه فلا يخفى ما فيه بعد ما عرفت في محلّه من أنّ المغسل للميّت يتبعه في الطهارة ، مع أنّ الالتزام بمنع دخول المسجد قبل التطهير بناء على عدم التبعيّة هيّن.
وأهون منه الالتزام بوجوب غسل يديه وغيرهما ممّا باشر الميّت قبل الغسل ، وقد ورد الأمر بغسل يديه قبل التكفين في الأخبار ، كما سمعته في محلّه (٢).
وأضعف منه الاستدلال على عدم نجاسة الميّت : بأنّه لو كان نجسا ، لم يطهر بالتغسيل ، فإنّه مجرّد استبعاد لغير البعيد ، مع ورود نظيره في الشرعيّات ،
__________________
(١) حكاه عنه المحقّق الحلّي في المعتبر ١ : ٣٤٩ ـ ٣٥٠ ، وانظر : السرائر ١ : ١٦٣.
(٢) راجع ج ٥ ، ص ٢٧٦.