فيفهم من كلّ منهما ـ ولو بواسطة القرائن المغروسة في أذهان المتشرّعة ـ نجاسة الملاقي وتنجّس الثوب الملاقي له.
نعم ، لا يفهم من مثل هذه الأدلّة كون المتنجّس عند خلوّه من عين النجاسة منجّسا لما يلاقيه ، كعين النجس ، بل لا بدّ في إثبات ذلك من دليل آخر سيأتي التعرّض له إن شاء الله.
ويمكن تنزيل كلام الحلّي على إرادة هذا المعنى لو لا استدلاله عليه ببعض ما تقدّم عنه.
وكيف كان فالقول بكون الميّت نجسا غير منجّس ضعيف في الغاية ، بل الإشكال في المقام إنّما هو في كونه كغيره من النجاسات في عدم تنجيس ملاقيه إلّا برطوبة مسرية ، أو أنّه ينجّسه بمجرّد الملاقاة ولو من غير رطوبة ، كما حكي القول به عن غير واحد (١) ، بل عن ظاهر بعض الالتزام بذلك في مطلق الميتة (٢).
لكنّه ضعيف لا يساعد عليه دليل ، بل الأدلّة مصرّحة بخلافه.
ففي خبر عليّ بن جعفر عن أخيه موسى عليهالسلام ، قال : سألته عن الرجل يقع ثوبه على حمار ميّت هل تصلح له الصلاة فيه قبل أن يغسله؟ قال : «ليس عليه غسله ، ويصلّي فيه ولا بأس» (٣).
__________________
(١) قواعد الأحكام ١ : ٢٢ ، منتهى المطلب ١ : ١٢٨ ، البيان : ٣٣ ، روض الجنان : ١١٤ ، وانظر :مدارك الأحكام ٢ : ٢٦٩ ، وجواهر الكلام ٥ : ٣٤٨.
(٢) حكاه صاحب الجواهر فيها ٥ : ٣٤٨ عن محتمل عبارتي القواعد ١ : ٢٢ ، والموجز الحاوي (ضمن الرسائل العشر) : ٦١.
(٣) التهذيب ١ : ٢٧٦ / ٨١٣ ، الإستبصار ١ : ١٩٢ / ٦٧٢ ، الوسائل ، الباب ٢٦ من أبواب النجاسات ، ح ٥.