أولى اقتصارا على موضع الوفاق وإن كان استثناء نفس الكرش أيضا غير بعيد ، تمسّكا بمقتضى الأصل (١). انتهى.
فمراده بموضع الوفاق عدم الخلاف في طهارة هذا الشيء ولو على القول بأنّ الإنفحة هي الكرش ، فلا يتوجّه عليه الاعتراض بأنّه لا وفاق بعد تقابل التفسيرين.
وأمّا تمسّكه بالأصل لطهارة الكرش : فمبنيّ على أصله من انتفاء ما دلّ على نجاسة أجزاء الميّت بعمومها ، وإلّا فمقتضى القاعدة ـ التي قرّرناها فيما سبق ـ نجاستها ، لكون الكرش معدودا من أجزائها التي حلّ فيها الحياة ، إلّا أن يثبت كونه هو الإنفحة التي دلّت النصوص والفتاوى على طهارتها ، ولم يثبت ، فالأشبه نجاسة الوعاء ، وعدم انفعال ما فيه بملاقاته.
ولعلّ هذا الوعاء هو المراد بالميتة في رواية أبي الجارود ـ المرويّة عن محاسن البرقي ـ قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الجبن ، فقلت : أخبرني من رأى أنّه يجعل فيه الميتة ، فقال : «أمن أجل مكان واحد يجعل فيه الميتة حرم جميع ما في الأرض؟ فما علمت أنّه فيه الميتة فلا تأكله ، وما لم تعلم فاشتر وكل وبع» (٢) الخبر.
ويحتمل جريها مجرى التقيّة ، أو يكون التجنّب عمّا يطرح فيه الإنفحة المتّخذة من الميتة مستحبّا ، ولعلّه لذا نهى الإمام عليهالسلام في ذيل رواية أبي حمزة
__________________
(١) مدارك الأحكام ٢ : ٢٧٤.
(٢) المحاسن : ٤٩٥ / ٥٩٧ ، الوسائل ، الباب ٦١ من أبواب الأطعمة المباحة ، ح ٥.