أخرى.
عن القرآن والفرقان ، أهما شيئان ، أو شيء واحد؟ فقال : «القرآن : جملة الكتاب ، والفرقان : المحكم الواجب العمل به».
ولا منافاة بين هذا القول وبين أنّ الفرقان هو جميع آيات القرآن ، والمراد هو أنّ آيات القرآن المحكمات تعتبر مصداقا أوضح وأبرز للفرقان وللتمييز بين الحق والباطل.
ولموهبة «الفرقان والمعرفة» أهمية بالغة بحيث أنّ القرآن المجيد ذكرها كمكافأة عظيمة للمتقين : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً ..) (١).
نعم ، فبدون التقوى لا يمكن تمييز الحق من الباطل ، لأنّ الأهواء والذنوب تلقي على وجه الحق حجابا كثيفا ، وتعمي بصر ابن آدم وبصيرته.
وعلى أية حال ، فالقرآن المجيد هو الفرقان الأعلى.
القرآن وسيلة لتشخيص الحق من الباطل في نظام حياة البشر.
القرآن وسيلة لتشخيص الحق من الباطل في مسير الحياة الفردية والاجتماعية ، وهو الميزان والمحك على صعيد الأفكار والعقائد ، والقوانين ، والأحكام ، والآداب ، والأخلاق.
وهذه الوقفة مهمّة أيضا ، حيث يقول تعالى (نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ) نعم ، فمقام العبودية والانقياد التامّين هو الذي يحقق اللياقة لنزول الفرقان ، ولتلقي موازين الحق والباطل.
والنكتة الأخيرة التي طرحت في هذه الآية ، تبيّن أنّ هدف الفرقان النهائي هو إنذار العالمين ، الإنذار الذي نتيجته الإحساس بالمسؤولية تجاه التكاليف الملقاة على عاتق الإنسان. وعبارة «للعالمين» كاشفة عن أنّ شريعة الإسلام
__________________
(١) سورة الأنفال ، الآية ٢٩.