عالمية لا تختص بمنطقة معينة ، ولا بقوم أو عنصر معينين. بل إن بعضهم قد استدل منها على خاتمية النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وذلك أن «العالمين» كما أنّها غير محدودة من حيث المكان ، فكذلك مطلقة من حيث الزمان أيضا ، فـ «العالمين» تشمل جميع الأجيال القادمة أيضا (فتأمل!).
الآية الثّانية تصف الله الذي نزل الفرقان بأربع صفات ، صفة منها هي الأساس ، والبقية نتائج وفروع لها ، فتقول أوّلا : (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (١).
نعم ، إنّه الحاكم على كل عالم الوجود ، وكل السماوات والأرض ، فلا شيء خارج عن سلطة حكومته ، وبالالتفات إلى تقدم «له» على «ملك السموات» الذي هو دليل الحصر في اللغة العربية يستفاد أن الحكومة الواقعية والحاكمية المطلقة في السماوات والأرض منحصرة به تبارك وتعالى ، ذلك لأن حكومته عامّة وخالدة وواقعية ، بخلاف حاكمية غيره التي هي جزئية ومتزلزلة. وفي نفس الوقت فهي مرتبطة به سبحانه.
ثمّ يتناول تفنيد عقائد المشركين واحدة بعد الأخرى ، فيقول تعالى : (وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً) (٢).
وكما قلنا من قبل فإن الحاجة إلى الولد من حيث الأصل إمّا لأجل الاستفادة من طاقته البشرية في الأعمال ، أو لأجل الاستعانة به حال الضعف والعجز والشيخوخة ، أو لأجل الاستئناس به في حال الوحدة ، ومن المعلوم أن ذاته المقدسة عزوجل منزّهة عن أي واحد من تلك الاحتياجات.
وبهذا الترتيب ، يدحض اعتقاد النصارى بأنّ «المسيح» عليهالسلام ابن الله ، أو ما
__________________
(١) كلمة (الملك) كما يقول «الراغب» في «المفردات» بمعنى تملك الشيء والحاكمية عليه ، في حين أن (الملك) ليس دليلا على الحاكمية وتصرف المالك دائما. وبهذا الترتيب : فكل ملك ملكا ، في حين أنّ ليس كل ملك ملكا.
(٢) ورد إيضاح أكثر حول نفي الولد عن الله تعالى ، ودلائل ذلك في تفسير الآية (١١٦) من سورة البقرة.