في هذه الآيات ، كلام في نعمة «الضلال» ثمّ في آثار وبركات «الليل» و «النوم والاستراحة» و «ضياء» النهار و «هبوب الرياح» و «نزول المطر» و «إحياء الأراضي الموات» و «سقاية» الأنعام والناس.
يقول تعالى أولا : (أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ ، وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً).
لا شك أنّ هذا الجزء من الآية إشارة إلى أهمية نعمة الظلال الممتدة والمتحركة.
الظلال التي لا تثبت على حال ، بل هي في حركة وانتقال.
ولكن أي ظل هو المقصود بالآية؟ ثمّة أقوال في أوساط المفسّرين :
بعضهم يقول : هذا الظل الممتد والمنتشر هو ذلك الظل المنتشر على الأرض بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس ، وأهنأ الظلال والساعات هي تلك ، هذا النور الشفاف ، والظل المنبسط ، يبدأ عند طلوع الفجر ، يتلاشى عند طلوع الشمس حيث يأخذ مكانه الضياء.
ويرى البعض الآخر أن المقصود هو ظل الليل بأجمعه ، الذي يبدأ من لحظة الغروب وينتهي عند لحظة طلوع الشمس ، لأنّنا نعلم أنّ الليل في الحقيقة هو ظل نصف الكرة الأرضية المواجه للشمس ، وهو ظل مخروطي يكون في الطرف الآخر ومنتشرا في الفضاء الواسع. وهذا الظل المخروطي في حركة دائمة ومع طلوع الشمس على منطقة يزول عنها ليتشكل في أخرى.
وقال آخرون : المقصود هو الظل الذي يظهر للأجسام بعد الظهر فينبسط شيئا فشيئا بالتدريج.
طبيعي ، أنّه لو لم تكن الجمل الآتية ، لكنّا نفهم من هذه الجملة معنى واسعا يشمل جميع الظلال الشاسعة ، لكن سائر القرائن التي وردت على أثرها تدل على أن التّفسير الأوّل أكثر تناسبا ، لأنّه تعالى يقول على أثر ذلك : (ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً).