الصفة السابعة طهارتهم من التلوث بدم الأبرياء (وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِ). (١)
ويستفاد جيدا من الآية أعلاه أن جميع الأنفس الإنسانية محترمة في الأصل ، ومحرم إراقة دمائها إلّا إذا تحققت أسباب ترفع هذا الاحترام الذاتي فتبيح إراقة الدم.
صفتهم الثّامنة هي أن عفافهم لا يتلوث أبدا : (وَلا يَزْنُونَ).
إنّهم على مفترق طريقين : الكفر والإيمان ، فينتخبون الإيمان ، وعلى مفترق طريقين الأمان واللاأمان في الأرواح ، فهم يتخيرون الأمان ، وعلى مفترق طريقين : الطهر والتلوث : فهم يتخيرون النقاء والطهر. إنّهم يهيئون المحيط الخالي من كل انواع الشرك والتعدي والفساد والتلوث ، بجدهم واجتهادهم.
وفي ختام هذه الآية يضيف تعالى من أجل التأكيد أكثر : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً).
«الإثم» و «آثام» في الأصل بمعنى الأعمال التي تمنع من وصول الإنسان إلى المثوبة ، ثمّ أطلقت على كل ذنب ، لكنّها هنا بمعنى جزاء الذنب.
قال بعضهم أيضا : إن «إثم» بمعنى الذنب و «آثام» بمعنى عقوبة الذنب (٢) فإذا رأينا أن بعض المفسّرين ذكروها بمعنى صحراء أو جبل أو بئر في جهنم فهو في الواقع من قبيل بيان المصداق.
وحول فلسفة تحريم الزنا ، قدمنا بحثا مفصلا في ذيل الآية (٣٣) سورة الإسراء.
ومن الملفت للنظر في الآية أعلاه ، أنها بحثت أولا في مسألة الشرك ، ثمّ قتل
__________________
(١) الاستثناء في الجملة أعلاه «استثناء مفرغ» اصطلاحا ، وكان في التقدير هكذا «لا يقتلون النفس التي حرم الله بسبب من الأسباب إلّا بالحق».
(٢) تفسير الفخر الرازي.