النفس ، ثمّ الزنا ، ويستفاد من بعض الرّوايات أن هذه الذنوب الثلاثة تكون من حيث الأهمية بحسب الترتيب الذي أوردته الآية.
ينقل ابن مسعود عن النّبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال : سألت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أي الذنب أعظم؟ قال : «أن تجعل لله ندا وهو خلقك» قال : قلت : ثمّ أيّ؟ قال : «أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك» قال : قلت : ثمّ أيّ؟ قال : «أن تزاني حليلة جارك» فأنزل الله تصديقها. (١)
وبالرغم من أن الكلام في هذا الحديث ، ورد عن نوع خاص من القتل والزنا ، لكن مع الانتباه إلى إطلاق مفهوم الآية يتجلى أنّ هذا الحكم يشمل جميع أنواع القتل والزنا ، وما في الرّواية مصداق أوضح لهما.
تتكئ الآية التالية أيضا على ما سبق ، من أن لهذه الذنوب الثّلاثة أهمية قصوى ، فيقول تعالى : (يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً).
ويتجسد هنا سؤالان :
الأوّل : لماذا يتضاعف عذاب هذا النوع من الأشخاص؟ ولماذا لا يجازون على قدر ذنوبهم؟ وهل ينسجم هذا مع أصول العدالة!؟
الثّاني : إنّ الكلام هنا عن الخلود في العذاب ، في حين أنّ الخلود هنا مرتبط بالكفار فقط. والذنب الأوّل من هذه الذنوب الثلاثة التي ذكرت في الآية يكون كفرا ، فقط ، وأمّا قتل النفس والزنا فليسا سببا للخلود في العذاب.
بحث المفسّرون كثيرا في الإجابة على السؤال الأول ، وأصح ما أوردوه هو أن المقصود من مضاعفة العذاب أن كل ذنب من هذه الذنوب الثلاثة المذكورة في هذه الآية سيكون له عقاب منفصل ، فتكون العقوبات بمجموعها عذابا مضاعفا.
__________________
(١) صحيح «البخاري» و «مسلم» طبقا لنقل مجمع البيان ذيل الآية مورد البحث.