فضلا عن أنّ ذنبا ما يكون أحيانا مصدر الذنوب الأخرى ، مثل الكفر الذي يسبب ترك الواجبات وارتكاب المحرمات ، وهذا نفسه موجب لمضاعفة العذاب الإلهي.
لهذا اتّخذ بعض المفسّرين هذه الآية دليلا على هذا الأصل المعروف أن : «الكفار مكلفون بالفروع كما أنّهم مكلفون بالأصول».
وأمّا في الإجابة على السؤال الثّاني : فيمكن القول أن بعض الذنوب عظيم إلى درجة يكون عندها سببا في الخروج من هذه الدنيا بلا إيمان ، كما قلنا في مسألة قتل النفس في ذيل الآية (٩٣) سورة النساء. (١)
ومن الممكن أن يكون الأمر كذلك في مورد الزنا أيضا ، خاصّة إذا كان الزنا بمحصنة.
ومن المحتمل أيضا أن «الخلود» في الآية أعلاه يقصد به من يرتكب هذه الذنوب الثلاثة معا ، الشرك وقتل النفس والزنا ، والشاهد على هذا المعنى : الآية التالية حيث تقول : (إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً).
واعتبر بعض المفسّرين ـ أيضا ـ أن «الخلود» هنا بمعنى المدة الطويلة لا الخالدة ، لكن التّفسير الأوّل والثّاني أصح.
ومن الملفت للنظر هنا ـ فضلا عن مسألة العقوبات العادية ـ عقوبة أخرى ذكرت أيضا هي التحقير والمهانة ، أي البعد النفسي من العذاب ، وقد تكون بذاتها تفسيرا لمسألة مضاعفة العذاب ، ذلك لأنّهم يعذبون عذابا جسديا وعذابا روحيا.
لكن القرآن المجيد كما مرّ سابقا ، لم يغلق طريق العودة أمام المجرمين في أي وقت من الأوقات ، بل يدعو المذنبين إلى التوبة ويرغبهم فيها ، ففي ، الآية التالية يقول تعالى هكذا:(إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ
__________________
(١) التفسير الأمثل ، الجزء الثالث.